متداوم ، فيلتزم الإنسان في حياته بالمنهج المرسوم القائم على الحكمة والتدبير ، ويستمدّ منه قيمه وموازينه ، ويراقبه وهو يستخدم هذه القيم والموازين.
قوله تعالى : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)
وهذا توكيد لقيامه ـ سبحانه ـ على كلّ شيء وقيام كلّ شيء به ، على دوام واستمرار ، ومن غير قصور ولا فتور.
وحقيقة القيام على هذا الوجود بكلّياته وجزئيّاته ، في كلّ وقت وفي كلّ حالة ، حقيقة هائلة ، حين يحاول الإنسان تصوّرها ، وحين يسبح بخياله المحدود مع ما لا يحصيه عدّ من الذرّات والخلايا والخلائق والأشياء والأحداث في هذا الكون الهائل ، ويتصوّر ـ بقدر ما يملك ـ قيام الله ـ سبحانه ـ عليها ، وتعلّقها في قيامها بالله وتدبيره في كلّ آن ، إنّه أمر ، أمر لا يتصوّره الإدراك الإنساني ؛ وما يتصوّره منه ـ وهو يسير ـ هائل يدير الرؤوس ، ويحيّر العقول ، نعم ، وتطمئنّ به القلوب!
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكيّة شاملة ، كما أنّها ملكيّة مطلقة ، ملكيّة لا يرد عليها قيد ولا شرط ولا فوت ولا شركة. وهي مفهوم من مفاهيم الالوهيّة الواحدة ، فالله الواحد هو الحيّ الواحد ، القيّوم الواحد ، الملك الواحد ، وهي نفي للشركة في جميع أنواع صورها الّتي ترد على الأذهان.
كما أنّها ذات أثر في إنشاء معنى الملكيّة وحقيقتها في دنيا الناس ، فإذا تمحضت الملكيّة الحقيقيّة لله ، لم يكن للناس ملكيّة ابتداء لشيء. إنّما كان لهم استخلاف من المالك الواحد الأصلي الّذي يملك كلّ شيء. ومن ثمّ وجب أن يخضعوا في خلافتهم ، لشروط المالك المستخلف في هذه الملكيّة ، وإلّا بطلت ملكيّتهم الناشئة عن عهد الاستخلاف ، ووقعت تصرّفاتهم باطلة ، بل وغصبا حيث وقعت تصرّفاتهم من غير إذن من المالك الأصلي ، الشاهد على الأحوال.
وهكذا نجد أثر التصوّر الإسلامي في التشريع الإسلامي ، وفي واقع الحياة العمليّة الّتي تقوم عليه. فحينما يقول تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ، فإنّه لا يقرّر مجرّد حقيقة تصوّريّة