وأضاف : أنّه كان كافرا شاكّا في البعث (١).
***
قال أبو جعفر الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إنّ الله تعالى عجّب نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قول هذا القائل : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها). ولا بيان عندنا من وجه صحيح على اسم هذا القائل ، عزير أو إرميا؟ ولا حاجة بنا إلى معرفة اسمه ، إذ لم يكن المقصود معرفة اسمه ، وإنّما المقصود اعتبار المنكرين للبعث من قريش وسائر العرب. وتثبيت الحجّة بذلك على من كان بين ظهرانيّ مهاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من اليهود ، باطّلاعه تعالى نبيّه محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما يزيل شكّهم في نبوّته ويقطع عذرهم في رسالته ؛ إذ كان الّذي أوحاه إلى نبيّه لم يكن يعرفه لا هو ولا قومه من قبل ، فليعلم أهل الكتاب أنّه بوحي من الله (٢).
وقال سيّد قطب : إنّ القرآن لم يفصح عن هذا الّذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها ، ولا عن القرية ، ولو شاء لأفصح ، ولو كانت حكمة النصّ لا تتحقّق إلّا بهذا الإفصاح ما أهمله في القرآن (٣).
تفسير الآية
سبق أن نبّهنا أنّ الآية جاءت في سياق الحديث عن سرّ الموت والحياة وأنّهما بيد الله الّذي برأ الخلق.
فكان فيما حاجج الّذي آتاه الله الملك ، إبراهيم في ربّه ، دلالة وعبرة على ذلك. والآن يعيد الكلام ثانيا ، ويقول : وإن شئت فاعتبر بقصّة أخرى هي نظيرة الأولى في العظة والاعتبار.
قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها). أي إن شئت فاعتبر بقصّة الّذي مرّ على قرية خربة باد أهلها.
العرش من البيت : سقفه. وخوى البيت تهدّم. فقوله : (خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) أي متهدّمة محطّمة على قواعدها. وليس هناك من يعير اهتمامه بها!
__________________
(١) الثعلبي ٢ : ٢٤٢ ؛ البغوي ١ : ٣٥٢.
(٢) الطبري ٣ : ٥٨.
(٣) في ظلال القرآن ١ : ٤٣٨.