ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
فليتّقوا ذلك اليوم الرهيب ، حيث مرجع الناس إليه جميعا ، الدائن والمدين ، الظالم والمظلوم ، الراحم والمرحوم ، فيجازى كلّ حسبما قدّم من عمل صالح أو طالح : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ)(١).
وقفة عند مسألة الربا
من تعاليم الإسلام السامية توظيفه للجماعة المسلمة بأن يقوموا بالقسط والعدل (٢) ، فضلا عن الإحسان ، في تعاملهم مع أبناء جلدتهم في شتّى مناحي الحياة الاجتماعيّة العامّة. ومن بنود هذا التوظيف الجماعي ، أن يقوم التكافل بين المؤمنين بالله ، فيكون بعضهم أولياء بعض (٣) ، وأن ينتفعوا برزق الله الّذي أعطاهم ، على أساس هذا التكافل والتضامن بعضهم لبعض ، فمن وهبه الله سعة ، أفاض من سعته على من قدر عليه رزقه. و (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)(٤).
هذا مع تكليف الجميع بالعمل ، كلّ بحسب طاقته واستعداده ، وفيما يسّر الله له ، فلا يكون أحدهم كلّا على أخيه أو على الجماعة ، وهو قادر على العمل والاكتساب. وجعل الزكاة والفرائض الماليّة محدّدة في أموال الأثرياء ، والصدقات تطوّعا غير محدّد مندوبا إليها.
وهكذا شرط عليهم أن يلتزموا جانب القصد والاعتدال ، ويتجنّبوا السرف والتبذير. وأن يستمتعوا بالطيّبات من الرزق ويتجنّبوا الخبائث. ومن ثمّ تظلّ حاجتهم الاستهلاكيّة للمال وللطيّبات محدودة بحدود الاعتدال ، وتظلّ فضلة رزقهم معرضة لفريضة الزكاة وتطوّع الصدقات. وبخاصّة أنّ الإسلام يطالب المؤمن بتثمير ماله وتكثيره والسعي وراء التجارة المربحة والكسب الحلال.
كما وشرط عليهم أن يلتزموا في تنمية أموالهم وسائل لا ينشأ عنها الأذى أو الإضرار
__________________
(١) غافر ٤٠ : ١٧.
(٢) (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ). (الحديد ٥٧ : ٢٥).
(٣) (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ). (التوبة ٩ : ٧١).
(٤) المعارج ٧٠ : ٢٤ ـ ٢٥. وفي الذاريات ٥١ : ١٩ : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).