قال : وإذ كان ذلك كذلك ، فسواء قرأ القارئ ذلك بضمّ الصاد أو كسرها ـ وكانت اللغتان معروفتين بمعنى واحد (١) ـ غير أنّ الأمر وإن كان كذلك ، فإنّ أحبّهما إليّ أن أقرأ به : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) بضمّ الصاد ، لأنّها أعلى اللغتين وأشهرهما وأكثرها في أحياء العرب (٢).
نظرة العلّامة الطباطبائي
وهكذا أكّد سيّدنا العلّامة الطباطبائي ، على أنّ معنى «صرهنّ» : قطّعهنّ. قال : وتعديته بإلى لمكان تضمينه معنى الإمالة ، كما في قوله تعالى : (الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ)(٣) ، حيث ضمّن معنى الإفضاء (٤).
قال : وقرائن الكلام تدلّ على إرادة معنى القطع. وتعديته بإلى تدلّ على تضمين معنى الإمالة. فالمعنى : قطّعهنّ مميلا إليك. أو أملهنّ إليك قاطعا إيّاهنّ (٥).
ولكن لا موضع لتضمين ما يفيد معنى التقطيع ، معنى الإمالة ، الّذي هو السعي وراء الميل والعطف والرغبة. بأن تأنس الطيور به وتميل إليه ، الأمر الّذي لا يمكن تضمينه في مفهوم التقطيع والتمزيق ، حيث التباين الفاحش.
وأمّا الرفث ، فهو كلّ فعل أو لفظ يقبح العلن به.
قال الزجّاج : هو «كلمة جامعة لكلّ ما يريد الرجل من المرأة» (٦).
أي كلّ لفظة تتبادل بين الرجل والمرأة ، عند مغازلتها حالة التقبيل والمضاجعة ممّا يقع بينهما سرّا وفي خفاء عن مرأى الآخرين ومسمعهم. فناسب تعديته بإلى ، لأنّه من السرّ الّذي يفضى إليها محضا.
إذن فلا موضع لقوله ـ رحمهالله ـ : «قطّعهنّ مميلا إليك ...» ؛ لأنّ القطع فصل ، والإمالة وصل ، وهما متنافيان!
__________________
(١) يريد معنى التشقيق والتمزيق.
(٢) الطبري ٣ : ٧٨ ـ ٨٠. وأحياء العرب : هم البطون والقبائل.
(٣) البقرة ٢ : ١٨٧.
(٤) الميزان ٢ : ٣٩١.
(٥) المصدر : ٣٩٦.
(٦) راجع : المجمع ٢ : ٢٨٠ ؛ واللسان ٢ : ١٥٣.