فضل صدقة الليل
[٢ / ٧٨٨١] وبإسناده عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : كان أبو عبد الله عليهالسلام إذا اعتمّ وذهب من الليل شطره أخذ جرابا فيه خبز ولحم والدراهم ، فحمله على عنقه ، ثمّ ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسّمه فيهم ولا يعرفونه ، فلمّا مضى أبو عبد الله عليهالسلام فقدوا ذلك ، فعلموا أنّه كان أبا عبد الله عليهالسلام.
[٢ / ٧٨٨٢] وعن السكوني ، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردّوه».
[٢ / ٧٨٨٣] وعن سعدان بن مسلم عن معلّى بن خنيس ، قال : «خرج أبو عبد الله عليهالسلام في ليلة قد رشّت (١) وهو يريد ظلّة بني ساعدة ، فأتبعته فإذا هو قد سقط منه شيء فقال : بسم الله اللهمّ ردّ علينا ، قال : فأتيته فسلّمت عليه ، فقال : معلّى؟ قلت : نعم جعلت فداك ، فقال لي : التمس بيدك فما وجدت من شيء فادفعه إليّ ، فإذا أنا بخبز منتشر كثير ، فجعلت أدفع إليه ما وجدت فإذا أنا بجراب (٢) ، أعجز عن حمله من خبز ، فقلت : جعلت فداك أحمله على رأسي ، فقال : لا أنا أولى به منك ولكن امض معي. قال : فأتينا ظلّة بني ساعدة فإذا نحن بقوم نيام فجعل يدسّ الرغيف والرغيفين حتّى أتى على آخرهم ، ثمّ انصرفنا ، فقلت : جعلت فداك يعرف هؤلاء الحقّ؟ فقال : لو عرفوه لواسيناهم بالدّقّة (٣) ـ والدّقّة هي الملح ـ إنّ الله تبارك وتعالى لم يخلق شيئا إلّا وله خازن يخزنه إلّا الصدقة ، فإنّ الربّ يليها بنفسه. وكان أبي إذا تصدّق بشيء وضعه في يد السائل ، ثمّ ارتدّه منه فقبّله وشمّه ثمّ ردّه في يد السائل. إنّ صدقة الليل تطفي غضب الربّ وتمحو الذنب العظيم وتهوّن الحساب ، وصدقة النهار تثمر المال وتزيد في العمر ، إنّ عيسى بن مريم عليهالسلام لمّا أن مرّ على شاطئ البحر رمى بقرص من قوته في الماء ، فقال له بعض الحواريّين : يا روح الله وكلمته ، لم فعلت هذا وإنّما هو من قوتك؟ قال :
__________________
(١) أي أمطرت ورشّت السماء : جاءت بالمطر الخفيف.
(٢) الجراب ـ بالكسر ـ : وعاء من إهاب شاة يوعى فيه الدقيق ونحوه.
(٣) قوله : «يدسّ الرغيف» دسست الشيء في التراب : أخفيته فيه (القاموس). قوله : «لواسيناهم» لعلّ المراد بالمواساة أنّا أجلسناهم في الخوان وأشركناهم معنا في أكل الملح. والدّقّة ـ بضمّ الدال وتشديد القاف ـ : الملح.