(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ). وقال الله ـ عزوجل ـ لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) فأرسله إلى الجنّ والإنس. ذكره أبو محمّد الدارمي في مسنده (١).
[٢ / ٧٤٠١] وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داوود عن أبي سعيد الخدري عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : قال : «لا تخيّروا بين الأنبياء» (٢).
[٢ / ٧٤٠٢] وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم : (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) قال : بالعلم (٣).
قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا)
وإذ كان أمر الرسل جميعا هو الدعوة إلى كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة ، فما شأن أتباعهم والاختلاف من بعدهم ، الباعث على الاقتتال ، وهم يحسبون من أنفسهم أتباعا لطريقة أنبيائهم الموحّدة؟!
لكنّ هذا الاختلاف إنّما نجم عن ركائز نفسيّة تختلف واختلاف الأهداف والاتّجاهات ، ومن أهمّها حبّ الذات والكبرياء ونسيان الآخرة.
فهو ـ تعالى ـ قد أوضح لهم الطريق على يد أنبيائه ، وهداهم النجدين : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها). وحثّهم على اتّباع الهدى وابتعاد عن الردى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها)(٤).
وهذا ليكون تحقيقا لمبدأ الاختيار ، تمهيدا لمبدأ الاختبار في التكليف ، وبذلك تتبلور الاستعدادات الكريمة وتنمو وتزدهر.
__________________
(١) القرطبي ٣ : ٢٦٣ ؛ الدارمي ١ : ٢٥ ـ ٢٦ ، باب ما أعطي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الفضل ؛ الحاكم ٢ : ٣٥٠ ، كتاب التفسير ، سورة إبراهيم.
(٢) مسند أحمد ٣ : ٣١ ؛ البخاري ٨ : ٤٧ ، مسلم ٧ : ١٠٢ ، كتاب الفضائل ؛ أبو داوود ٢ : ٤٠٦ / ٤٦٦٩ ، باب ١٤ ؛ الوسيط ١ : ٣٦٣ ، قال الواحدي : وفي هذا نهي عن الخوض في تفضيل بعض الأنبياء على بعض ، فنستفيد من الآية معرفة أنّهم متفاوتون في الفضيلة ، وننتهي الكلام في ذلك لنهيه! ؛ القرطبي ٣ : ٢٦١.
(٣) ابن أبي حاتم ٢ : ٤٨٣ / ٢٥٥٢.
(٤) الشمس ٩١ : ٧ ـ ١٠.