شابّ ذو هيبة ووقار ، ولم يكن في بني إسرائيل شابّ أحسن منه ، كان أطول رجل في الشعب ، كان أشمخ رأسا من كتفه فما فوق ، ومن ثمّ سمّاه القرآن «طالوت» حيث شهرته بالطول في قومه ويعرف بهذا الوصف.
ثمّ إنّ صموئيل ابتهج به وقرّبه وهمس إليه بما ينويه ، ليجعله ملكا على بني إسرائيل ، فاستغرب شاول من هذا الاقتراح وقال : أنا بنيامينيّ من أصغر أسباط إسرائيل وعشيرتي أصغر كلّ العشائر ، فلماذا تكلّمني بمثل هذا الكلام!
فأخذ صموئيل بيد شاول (طالوت) وذهب به إلى مجتمع القوم ـ وكان يوم قربان ـ وعرّفه القوم ، ومسحه رئيسا على إسرائيل ، إذ صبّ على رأسه زيتا وقبّله ، وبذلك تمّت مراسم التعرفة بسلام. وذلك سنة ١٠٩٥ قبل الميلاد.
وفي الأصحاح العاشر : فأخذ صموئيل قنّينة الدهن وصبّ على رأس شاول وقبّله وقال له : إنّ الله اختارك رئيسا على بني إسرائيل ، فاشدد عزمك ، وتوكّل على الله ، وهكذا تقبّله جميع الشعب.
غير أنّ بني بلّيعال قالوا : كيف يملكنا هذا ويخلّصنا من شرّ الأعداء وهو فلّاح من بيت حقير ، فاحتقروه ولم يأبهوا به.
قوله تعالى : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ)
ذلك أنّ الله فتح عليه بالحكمة وتنبّأ نبوءات كثيرة تدلّك على عمق تفكيره وغرازة فهمه في الكشف عن حقائق الأمور ، ومن ثمّ رضيت به بعض بني إسرائيل وأباه بعضهم وهم بنو بلّيعال حيث احتقروه لوضاعته واحتقار بيته. إذ كانوا يتوقّعون أنّ ملكهم سوف يكون من كبرائهم من ذوي الشوكة والمهابة والمال.
قال بعضهم : والسرّ في اختيار نبيّهم صموئيل ، شاول ملكا ، أنّه أراد أن تبقى لهم حالتهم الشوريّة بقدر الإمكان ، فجعل ملكهم من عامّتّهم لا من سادتهم ، فيستغلّ القدرة ويرسخ قدمه ويستعبد قومه.
أمّا إذا اختير الملك من العامّة فإنّه لا يزال يتوقّع الخلع ، إن هو سار على غير منهج العدل ، كما