(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ). غنيّ عن عطاء الناس ، وإنّما كان ما يبذلونه في سبيله ، يعود بالخير لأنفسهم ، مثلا بمثل ، بل وبأضعاف. فليكن ما يبذلونه من أطائب الأموال ، فتعود عليهم بأحسن منها وأنفع وأشمل.
حميد : فإنّه حميد في البذل والعطاء ، وفي مقابلة الإحسان بالإحسان ، إنّه شاكر عليم.
قوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ)
[٢ / ٧٦٩١] قال ابن عبّاس : أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه ، ونهاهم عن التصدّق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه ، فإنّ الله طيّب لا يقبل إلّا طيّبا (١).
[٢ / ٧٦٩٢] وأخرج الطستي عن ابن عبّاس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :
(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) قال : لا تعمدوا إلى شرّ ثماركم وحروثكم فتعطوه في الصدقة ، ولو أعطيتم ذلك لم تقبلوا. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول :
يمّمت راحلتي أمام محمّد |
|
أرجو فواضله وحسن نداه |
وقال أيضا :
تيمّمت قيسا وكم دونه |
|
من الأرض من مهمه ذي شزن (٢) |
[٢ / ٧٦٩٣] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) يقول : تصدّقوا من أطيب أموالكم وأنفسه (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ) قال : لو كان لكم على أحد حقّ فجاءكم بحقّ دون حقّكم لم تأخذوه بحساب الجيّد حتّى تنقصوه ، فذلك قوله : (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم؟ وحقّي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه ، وهو قوله : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(٣)(٤).
__________________
(١) ابن كثير ١ : ٣٢٧.
(٢) الدرّ ٢ : ٦٠ ـ ٦١. والمهمه : المفازة البعيدة الأطراف. والشّزن : الشدّة والغلظة.
(٣) آل عمران ٣ : ٩٢.
(٤) الدرّ ٢ : ٦٠ ؛ الطبري ٣ : ١١١ ـ ١١٢ و ١١٧ / ٤٧٩٤ ـ ٤٧٩٨ و ٤٨١٨ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٥٢٥ ـ ٥٢٩ ؛ الثعلبي ٢ : ٢٦٩ ؛ أبو الفتوح ٤ : ٦٧ ـ ٦٨.