طغا فلان يطغو : إذا عدا قدره فتجاوز حدّه ، كالجبروت من التجبّر ، والحلبوت من الحلب ، ونحو ذلك من الأسماء الّتي تأتي على تقدير فعلوت بزيادة الواو والتاء ، ثم نقلت لامه أعني لام الطغووت ، فجعلت له عينا وحوّلت عينه فجعلت مكان لامه ، كما قيل : جذب وجبد وجابذ وجاذب وصاعقة وصاقعة وما أشبه ذلك من الأسماء الّتي على هذا المثال. فتأويل الكلام إذن : فمن يجحد ربوبيّة كلّ معبود من دون الله فيكفر به ، (وَيُؤْمِنْ بِاللهِ) يقول : ويصدّق بالله أنّه إلهه وربّه ومعبوده ، (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) يقول : فقد تمسّك بأوثق ما يتمسّك به من طلب الخلاص لنفسه من عذاب الله وعقابه (١).
قوله تعالى : (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ...)
[٢ / ٧٥٠٩] روى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام في قول الله عزوجل : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) قال : «هي الإيمان» (٢).
[٢ / ٧٥١٠] وروى العيّاشي عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام في قول الله : (بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) قال : «هي الإيمان بالله ؛ يؤمن بالله وحده» (٣).
[٢ / ٧٥١١] وروى عليّ بن إبراهيم عن أبيه ومحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزوجل : (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) قال : «هي الإيمان بالله وحده لا شريك له» (٤).
[٢ / ٧٥١٢] وروى الثعلبي عن ابن عبّاس قال : أخبر الله تعالى أنّ الإيمان هو العروة الوثقى ، ولا يقبل عمل إلّا به (٥).
__________________
(١) الطبري ٣ : ٢٨.
(٢) الكافي ٢ : ١٤ / ٣ ؛ البرهان ١ : ٥٣٦ / ٣ ؛ نور الثقلين ١ : ٢٦٣ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٤٠٧.
(٣) العيّاشي ١ : ١٥٨ / ٤٦٠ ؛ البحار ٦٤ : ٦٠ / ٤ ، باب ١.
(٤) الكافي ٢ : ١٤ / ١ ؛ البحار ٦٤ : ١٣١ / ١ ، باب ٤ ؛ البرهان ١ : ٥٣٦ / ٢ ؛ الصافي ١ : ٤٤٥ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٤٠٧ ؛ نور الثقلين ١ : ٢٦٣.
(٥) الثعلبي ٢ : ٢٣٧.