قال : لم يعرف القائل ، ولم ينسب إلى أحد من السلف.
نعم ، اختلقتها يد الوضع تجاه ما أخرجه الحفّاظ من نزولها بشأن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
قال : ومنحت يد الوضع أربعين ألف دينار ، لتقريب نزول الآية فيمن أنفق كمّيّة كبيرة كهذه إلى فهم البسطاء ، دون منفق أربعة دراهم ، العدد القليل؟!.
لكنّه ذهول عمّا أثبته التاريخ من أخذ أبي بكر عند هجرته بضعة آلاف درهم ، صرفها في شؤونه. فلم يكن عنده سوى دريهمات عند نزول الآية من سورة البقرة ، وهي من أوليات السور نزولا بالمدينة.
وذكر كلام جلال الدين السيّوطي : أنّه لم يقف على خبر أنّ الآية نزلت في أبي بكر (١).
قال : وجاء مختلق آخر فروى مرسلا أنّ الآية نزلت في عثمان وابن عوف في نفقتهم في جيش العسرة يوم غزوة تبوك (٢).
قال : وقد أعمى الحبّ بصائر القوم ، فحرّفوا الكلم عن مواضعه ، وقالوا في كتاب الله ما زيّن لهم الشيطان ؛ خفي على المغفّلين أنّ الآيتين (٣) من سورة البقرة ، وهي أوّل سورة نزلت بالمدينة ، وكانت غزوة تبوك في شهر رجب سنة تسع من الهجرة ، أي بعد نزول الآيتين بعدّة سنين!! (٤).
***
وبعد فإليك ما ورد بشأن الصدقة وآثارها العائدة :
الإبكار بالصدقة
[٢ / ٧٨٢٦] أخرج الطبراني عن عليّ بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) روح المعاني ٣ : ٤١.
(٢) قال الرازي : نزلت آية الإنفاق بغير منّ ولا أذى (البقرة ٢ : ٢٦٢) في عثمان وعبد الرحمان بن عوف. أمّا عثمان فجهّز جيش العسرة في غزوة تبوك بألف بعير بأقتابها وألف دينار. وأمّا ابن عوف فإنّه تصدّق بنصف ماله : أربعة آلاف دينار. (التفسير الكبير ٧ : ٤٥).
(٣) آية الإنفاق من غير اتّباع منّ ولا أذى (البقرة ٢ : ٢٦٢). وآية الإنفاق ليلا ونهارا ، سرّا وجهارا (البقرة ٢ : ٢٧٤).
(٤) الغدير في الكتاب والسنّة والأدب ٨ : ٨٣ ـ ٨٥.