فإن شئت حرّمت النساء سواكم |
|
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا (١) |
والنّقاخ : الماء الصافي.
ووجه تقييده بيده ، تنبيها على هذا المقدار من الذوق القليل.
هذا ؛ وقد دلّ قوله تعالى : (فَشَرِبُوا مِنْهُ ...) على قلّة صبرهم وضعف شكيمتهم ، وأنّهم ليسوا بأهل لمزاولة حرب عوان ، ولذلك لم يلبثوا أن صرّحوا بعد مجاوزة النهر واقترابهم من مصافّ العدوّ ، فقالوا : (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ.)
وفي الآية انتقال بديع إلى ذكر جند «جالوت» والتصريح باسمه ، وهو قائد من قوّاد الفلسطينيّين ، اسمه في كتب اليهود : «جليات» كان طوله ستّة أذرع وشبرا ، وكان مسلّحا مدرّعا (٢) ، وكان لا يستطيع أن يبارزه أحد من بني إسرائيل ، فكان إذا خرج للصّفّ عرض عليهم مبارزته ، وعيّرهم بجبنهم.
ملحوظة
لم يأت ذكر النهر ـ الّذي ابتلي به بنو إسرائيل ـ في كتب اليهود. نعم جاء في الأصحاح ١٤ من سفر صموئيل : أنّه (طالوت) اختبرهم بالإمساك عن الطعام : «وضنك (٣) رجال إسرائيل في ذلك اليوم ، لأنّ شاول حلّف الشّعب قائلا : ملعون ، الرجل الّذي يأكل خبزا إلى المساء ، حتّى أنتقم من أعدائي. فلم يذق جميع الشعب خبزا.
وجاء كلّ الشعب إلى الوعر (الغابة) (٤) وكان عسل (٥) على وجه الحقل. ولمّا دخل الشعب الوعر إذا بالعسل يقطّر ، ولم يمدّ أحد يده إلى فيه ، لأنّهم خافوا من القسم. إلّا يوناثان ـ ابن شاول ـ فمدّ يده وذاق من العسل ، واستعاد قواه وعرض على القوم أن لو يذوقوا ليستعيدوا قواهم وها هو ذا غنيمة
__________________
(١) الخطاب لليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود.
(٢) راجع : صموئيل الأوّل ، الأصحاح ١٧ : ٤ ـ ٥.
(٣) ضعفوا على أثر الجياع ، حيث كان شاول قد حلّفهم أن لا يطعموا شيئا حتّى ينتقموا من أعدائهم. (الأصحاح ١٤ : ٢٤).
(٤) هكذا جاء في الترجمة الفارسية : «وتمامي قوم به جنگل رسيدند» ..
(٥) جاء في الترجمة الفارسية : «عسل فراوان ..» أي الكثير وقد يدلّ عليه التنكير في عسل.