وقد أوجز الأستاذ عبده الكلام هنا وبتقرير من تلميذه السيّد رشيد رضا ، فراجع (١).
قوله تعالى : (وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا)
[٢ / ٨٢٥٦] أخرج ابن أبي شيبة عن قدامة بن عبد الله العامري ، قال حدّثتني حرّة ، قالت : حدّثتني عائشة ، قالت : «دخلت عليّ امرأة من اليهود ، فقالت : إنّ عذاب القبر من البول! قلت : كذبت ، قالت : بلى إنّه ليقرض منه الجلد والثوب! قالت عائشة : فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا ، فقال : ما هذا؟ فأخبرته ، فقال : صدقت!» (٢).
[٢ / ٨٢٥٧] وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داوود والنسائي وابن ماجة والحاكم عن زيد بن وهب عن عبد الرحمان ابن حسنة ، قال : انطلقت أنا وعمرو بن العاص ، فخرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبيده درقة أو شبيه بالدّرقة (٣) ، فاستتر بها فبال وهو جالس! فقلت لصاحبي : ألا ترى كيف يبول كما تبول المرأة؟! فسمعه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «ويحك أما علمت أنّ بني إسرائيل كان إذا أصاب أحدهم شيء من البول قرضه بالمقراض. وفي لفظ : كانوا إذا أصابهم البول قرضوه بالمقاريض».
أخرجه الحاكم وصحّحه على شرط الشيخين ، وأقرّه الحافظ الذهبي على ذلك (٤).
قلت : يا لها من فضيعة فضيحة : ينسب إلى أعظم خلق الله خلقا وأفخمهم عند الله مكرمة ، ما يتحاشاه الأدب الإسلاميّ الرفيع ، ومن الأدب الإسلامي عند الخلاء أن يبتعد المتخلّي عن أعين الناس ويستتر منهم.
وقد عقد البخاري بابا عنوانه : «من الكبائر أن لا يستتر من بوله». وذكر حديثا :
__________________
(١) المنار ٣ : ١٤٦ ـ ١٤٨ ؛ وتابعه على ذلك المراغي ٣ : ٨٥ ـ ٨٦.
(٢) المصنّف ١ : ١٧٤ / ٧ ، باب ١٥١ ؛ النسائي ١ : ٤٠٠ / ١٢٦٨ ، باب ١٢٢.
(٣) الدّرقة : التّرس من جلود ، ليس فيه خشب ولا عقب.
(٤) الدرّ ٢ : ١٣٦ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ١ : ١٤٦ / ٣ و ٥ باب ١٥١ ؛ النسائي ١ : ٦٨ / ٢٦ باب ٢٠ ؛ ابن ماجة ١ : ١٢٤ ـ ١٢٥ / ٣٤٦ ، باب ٢٦ ؛ أبو داوود ١ : ١٣ ـ ١٤ / ٢٢ باب ١١ ؛ الحاكم ١ : ١٨٤ ـ ١٨٥ ؛ كنز العمّال ٩ : ٣٤٥ / ٢٦٣٦٧ ؛ مسند أحمد ٥ : ٤٠٢.