وكذا المباراة ، لا رجعة فيها إلّا إذا رجعت هي في بذلها ، فيعود رجعيّا حينذاك.
هل الطلاق رهن إرادة الرجل محضا؟
سؤال أثارته روح اليقظة الإسلاميّة ، ولا سيّما في الأوساط الثقافية الراهنة؟
ذهب المشهور من الفقهاء والمفسّرين إلى الإذعان بذلك ، استنادا إلى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما الطلاق لمن أخذ بالساق»!
[٢ / ٦٧٤٩] والحديث كما رواه ابن ماجة عن ابن عبّاس : أنّ رجلا أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله ، إنّ سيّدي زوّجني أمته وهو يريد أن يفرّق بيني وبينها! فصعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم المنبر فقال : «أيّها الناس ما بال أحدكم يزوّج عبده أمته ، ثمّ يريد أن يفرّق بينهما؟! إنّما الطلاق لمن أخذ بالساق» (١).
والحديث وإن كان بمختلف طرقه ضعيف الإسناد ، إلّا أنّ الفقهاء تسالموا على الاستناد إليه ، حتّى أنّ صاحب الجواهر عبّر عنه بالنبويّ المقبول ، وذكر أنّ الحكم إجماعيّ ، وقد أرسل المحقّق حكمه باختصاص الطلاق بمالك البضع إرسال المسلّمات (٢).
وعليه فلا شأن للمرأة في أمر الطلاق ، وإنّما هو رهن إرادة الرجل وحسب مشيئته الخاصّة؟!
***
غير أنّ المسألة بحاجة إلى دقّة وعمق نظر :
الطلاق ـ وهو الفراق بين متآلفين ـ لا بدّ أن يكون عن كراهيّة معقّدة لا يمكن حلّها إلّا بهذه المفارقة البغيضة. والكراهيّة إمّا من الزوج ، فالطلاق رجعيّ ـ إذا وقع بشروطه ـ وإمّا من الزوجة ، فالطلاق خلعيّ ، تبذل المرأة مهرها لتتخلّص بنفسها وتنفلت عن قيد الزوجيّة الّتي تكرهها. وإمّا من الطرفين ، فهو مباراة في مصطلحهم. ويعني : تخلّص الطرفين من الزوجيّة الّتي يكرهانها.
__________________
(١) ابن ماجة ١ : ٦٧٢ / ٢٠٨٢ ، باب ٣١ (طلاق العبد). وفي كنز العمّال ٩ : ٦٤٠ / ٢٧٧٧٠ نقله عن الجامع الكبير للطبراني. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٤ : ٣٣٤ ، وعن عصمة ... الخ وقال : فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف (هامش الكنز). أمّا عن ابن عبّاس ـ كما في سنن ابن ماجة والطبراني ـ ففي طريقه ابن لهيعة. قال في الزوائد : وهو ضعيف (هامش ابن ماجة).
(٢) جواهر الكلام ٣٢ : ٥.