عرضة للخطأ والضلال أي الضياع وعدم الاهتداء إلى ما كان اهتداء بالضبط ، فاحتيج إلى إقامة الثنتين مقام الرجل الواحد ، لأنّهما بتذكير كلّ منهما للأخرى تقومان مقام الرجل. فإذا تركت إحداهما شيئا من الشهادة ، كأن نسيته أو ضلّ عنها ، فتذكّرها الأخرى وتتمّ شهادتها. وهذا من اختصاص شهادة النساء ، وليس ذلك بجائز في شهادة الرجال.
فللقاضي ـ بل عليه ـ أن يسأل إحداهما بحضور الأخرى ويعتدّ بجزء الشهادة من إحداهما وبباقيها من الأخرى.
قال الشيخ محمّد عبده : «وهذا هو الواجب ، وإن كان القضاة لا يعملون به ، وهذا غفلة منهم عن صريح القرآن» (١).
شهادة امرأتين تعادل شهادة رجل واحد
إذن كانت شهادة امرأتين منضمّة بعضها إلى بعض ، بمنزلة شهادة رجل واحد ، ولماذا؟
جاء التعليل في الآية بأنّ إحداهما قد تضلّ فيما تحمّلته حين الأداء ، فكانت الأخرى هي الّتي تذكّرها ما غاب عنها ، فكانت شهادة المرأتين بتذكّر إحداهما للأخرى بمنزلة شهادة رجل واحد.
وذلك أنّ المرأة أكثر عرضة للنسيان فيما لا يعود إلى شؤون أنفسهنّ بالذات ، ممّا لا يهمّها في حياتها الأنوثيّة ، فربّما لا تضبط تفاصيل ما تحمّلته بجميع خصوصيّاته وجزئيّاته المعتبرة في الشهادة حين الأداء ، ولا سيّما إذا بعد العهد وطال الأمد بين التحمّل والأداء ، فكانت كلّ واحدة منهما تذكّر الأخرى ما ضلّ عنها ، وبذلك تكمل شهادتهما معا كشهادة واحدة ، بتلفيق بعضها مع بعض وضمّ بعضها إلى بعض ، بتفاعل الذاكرتين وتعاملهما معا بعضا إلى بعض ، الأمر الّذي لا يجوز في شهادة الرجال ، فلو اختلفت الشهادات ولو في بعض الخصوصيّات فقدت اعتبارها! ومن ثمّ جاز التفريق في شهادة الشهود لغرض الاستيثاق ، بل قد يجب عند شبهة الأتّهام.
قال الشيخ محمّد عبده : «إنّ الله ـ تعالى ـ جعل شهادة المرأتين شهادة واحدة ، فإذا تركت إحداهما شيئا من الشهادة كأن نسيته أو ضلّ عنها تذكّرها الأخرى وتتمّ شهادتها ... وأمّا الرجال فلا يجوز ذلك فيهم ، بل يجب أن يفرّق بينهم ، فإن قصّر أحد الشاهدين أو نسي ، فليس للآخر أن
__________________
(١) المنار ٣ : ١٢٥.