تفضيل الرسل
قال تعالى :
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (٢٥٣))
وإذ تمّ الكلام عن أنبياء جوبهوا من أممهم بأنواع المكاره والشدائد ، تحمّلوها بفارغ الصبر والأناة ، وكانت النتائج الحاصلة ـ في عظمها وفخامتها ـ متناسبة مع الجهود الّتي بذلوها في سبيل تبليغ الرسالة ومدى تأثيرها في الحياة العامّة في يومهم وكذا من بعدهم على مرّ الزمان ، وبذلك فضّلوا وكانوا على درجات.
فقوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ...) فذلكة لما سبق من ذكر الأنبياء والأحداث الّتي انتابتهم في الكفاح ضدّ الفساد في الأرض والتغلّب على كلّ المشاكل في نهاية المطاف. (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)(١).
والتعبير بتلك الرسل ، إشارة من بعد ، لرفعة مكانهم السامي ، والّذي اختصّوا به من سائر الناس ، وما هي إلّا لأجل حملهم لرسالة الله ، رسالة من ملأ أعلى. لصفات وسمات في ذوات أنفسهم ، هي الّتي أهّلتهم لهذا المنح ولهذه العناية الخاصّة من قبل الله العزيز الحكيم ، و (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٢).
فيم كان التفضيل؟
أمّا تفضيل الرسل هنا ، فقد يتعلّق بالمحيط المقدّر للرسول ، والّذي تشمله دعوته ونشاطه.
__________________
(١) المجادلة ٥٨ : ٢١.
(٢) الأنعام ٦ : ١٢٤.