اخترتموه لأنفسكم ، فلا يستجيب لكم الرّبّ في ذلك اليوم».
فأبى الشعب الإسرائيلي أن يسمعوا لنصح صموئيل وقالوا : لا بدّ لنا من ملك لنكون مثل سائر الشعوب ويقضي لنا ملكنا ويخرج أمامنا ويحارب حروبنا (١).
وهذا ما حكاه القرآن : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) وهم عرفاؤهم (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ) وهو صموئيل (ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا) باستيلاء العدوّ (وَأَبْنائِنا) بالقتل (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).
وقوله تعالى : (وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا) يقتضي أنّ الفلسطينيّين أخذوا بعض مدن إسرائيل (٢) وكان القتل فيهم ذريعا (٣).
وفي ذكر الإخراج من الديار والأبناء تلهيب للمسلمين المهاجرين ـ بالأخصّ ـ على مقاتلة المشركين الّذين أخرجوهم من مكّة ، وفرّقوا بينهم وبين نسائهم وأبنائهم ، كما قال تعالى : (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ)(٤).
قوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) وقع في سفر صموئيل الأوّل في الأصحاح التاسع : أنّه لمّا صمّم بنو إسرائيل في سؤالهم أن يعيّن لهم ملكا ، صلّى لله تعالى ، فأوحى الله إليه أن أجبهم على ملتمسهم ، فأجابهم وقال : اذهبوا إلى مدنكم حتّى يأتيكم الخبر.
ثمّ أوحى الله إليه صفة الملك الّذي سيعيّنه لهم. وصادف أن وجد رجلا من بنيامين اسمه شاول
__________________
(١) راجع : سفر صموئيل الأوّل ، الأصحاح الثامن.
(٢) الأصحاح السابع : ١٤.
(٣) في واقعة واحدة قتل منهم ثلاثون ألف مقاتل. الأصحاح الرابع : ١٠ ـ ١١.
(٤) النساء ٤ : ٧٥.