قال الصدوق : قال الصادق عليهالسلام : «ما بسط عبد يده ... ـ وذكر مثله ، إلّا أنّه قال : ـ فلا يردّ يديه حتّى يمسح بهما على وجهه ورأسه» قال : وفي خبر آخر : «على وجهه وصدره» (١).
قال الحرّ العاملي : وتقدّم في أبواب القنوت ما يدلّ على أنّ ذلك مخصوص بغير الدعاء في الفرائض (٢).
ملحوظة
هنا سؤال : كيف جاز رفع اليدين إلى السماء عند الدعاء والابتهال إلى الله ـ سبحانه ـ وهل كان تعالى في جهة الفوق أم ماذا؟
جاء في كثير من الآيات والآثار ، ذكر العلوّ والفوقيّة له تعالى (٣). وأنّه في السماء (٤). ويدبّر الأمر من السماء (٥) أو تعرج إليه الملائكة والروح (٦) أو تنزل الملائكة من عنده (٧) وما إلى ذلك ، ممّا جعل بعضهم يحسب أنّه تعالى قابع هناك في زاوية السماء ، وأخذ من ظاهرة رفع اليدين إلى السماء عند الدعاء والابتهال شاهدا على ذلك (٨).
ولأبي العبّاس أحمد بن إبراهيم الواسطي ، المعروف بابن شيخ الحزاميّين (٦٥٧ ـ ٧١١) كلام عن ذلك فنّد فيه مزاعم أهل التشبيه ، فذكر منها ما يعالج غالبيّة الأسئلة الموجّهة بهذا الصدد :
قال : إنّه تعالى كان ولا مكان ، لا خلأ ولا ملأ ، فلم يكن فوق ولا تحت ولا جهة من الجهات ، إذ لا موجود سواه تعالى. ولمّا خلق الله هذا الكون ذا الجهات الستّ ، انتزعت له تعالى صفة الخالقيّة والإبداع وتكوين الأكوان. ولا شكّ أنّه تعالى قبل أن يخلق الكون لم يكن في كون ، وهكذا بعد ما خلق الكون ، لم يحلّ في كون. فلم يزل كائنا لا في كون. ولم يزل موجودا لا في جهة ، كما كان قبل
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٢٥ / ٩٥٣ ؛ الوسائل ٧ : ٥٢ / ٢.
(٢) تقدّم في الباب ٢٣ من أبواب القنوت.
(٣) طه ٢٠ : ٥. فاطر ٣٥ : ١٠. النساء ٤ : ١٥٨.
(٤) الملك ٦٧ : ١٦.
(٥) السجدة ٣٢ : ٥.
(٦) المعارج ٧٠ : ٤.
(٧) النحل ١٦ : ١٠٢.
(٨) راجع : ابن خزيمة ـ كتاب التوحيد والصفات : ١١٠. والإبانة لأبي الحسن الأشعري : ٣٥ ـ ٣٦.