نعم ، الشيطان ، أميل إلى إغواء الناس على ارتكاب هذا النوع من المعاصي ، الّتي فيها هتك الحرمات علانية ، ممّا يبعث على اجتراء الآخرين في اقترافها من غير احتشام.
وحين يعدكم الشيطان الفقر ويأمركم بالفحشاء ، فالله تعالى يعدكم المغفرة والعطاء الوفير.
(وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً) ، مغفرة عمّا فرط منكم من قصور ، وفضلا : زيادة على المغفرة بالمنح والعطاء الوفير.
فالله تعالى ـ لعظيم لطفه بعباده ـ يعفو ويمنح ، ولا يؤاخذهم على قصور في المسير ، إن كانوا قد استقاموا على الطريقة وأنابوا إلى الله الواهب الغفّار.
(وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) : يعطي عن سعة (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)(١). ويعلم نيّاتكم ، إن خالصة صادقة ، أو قذرة فاسدة.
وهذه هي الحكمة الرشيدة ، قلّ من يتنبّه لها أو يعيها :
قال تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ).
الحكمة هي البصيرة في الأمور ، كيف يردها وكيف يعالجها بسلام؟! الأمر الّذي قلّ من ينعم بها ، سوى النابهين الواعين ، أصحاب العقول الراجحة.
فصاحب اللبّ ـ وهو العقل الراجح ـ هو الّذي يتذكّر فيعي ، ويتنبّه فلا يغفل ، ويعتبر فلا يلجّ عن عمى. ومن ثمّ فهو على هدى من أمره ، وفي حمى من عناية ربّه ، يهديه إلى الحقّ ويخرجه من الظلمات إلى النور (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)(٢).
كلام عن الحكمة الرشيدة
قال تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٣).
كان صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يواصل تبيين الدلائل والبيّنات على صدق رسالته ، يحاول تعليم الكتاب
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٥٦.
(٢) العنكبوت ٢٩ : ٦٩.
(٣) الجمعة ٦٢ : ٢.