لأجل عين ألف عين تكرم
هناك تأويل لطيف ، وردت به الروايات عن أكثر السلف ، واحتفل بها المفسّرون ؛ قالوا : لا يزال بين أظهر الناس أناس طيّبون ، ينعم بوجودهم سائر الخلائق ، وفقا للمثل القائل : «لأجل عين ، ألف عين تكرم»!
قال أبو عبد الله القرطبي : وحكى مكّي أنّ أكثر المفسّرين على أنّ المعنى ـ أي المقصود الأقصى ـ : لو لا أنّ الله يدفع بمن يصلّي عمّن لا يصلّي ، وبمن يتّقي عمّن لا يتّقي ، لأهلك الناس بذنوبهم. قال : وكذا ذكر النحّاس والثعلبي أيضا (١).
قال أبو إسحاق الثعلبي ـ بعد أن ذكر حديث ابن عبّاس ومجاهد الآنف ـ : وقال سائر المفسّرين : لو لا دفع الله بالمؤمنين والأبرار عن الكفّار والفجّار ، لفسدت الأرض : لهلك بمن فيها.
[٢ / ٧٣٤٣] قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يدفع الله العذاب بمن يصلّي عمّن لا يصلّي ، وبمن يزكّي عمّن لا يزكّي ، وبمن يصوم عمّن لا يصوم ، وبمن يحجّ عمّن لا يحجّ ، وبمن يجاهد عمّن لا يجاهد ، ولو اجتمعوا على ترك هذه الأشياء ما ناظرهم الله طرفة عين». ثمّ تلا رسول الله هذه الآية.
[٢ / ٧٣٤٤] وروى مالك بن عبيد عن أبيه عن جدّه : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لو لا عباد لله ركّع ، وصبية رضّع ، وبهائم رتّع ، لصبّ عليكم العذاب صبّا ، ثمّ لترضّنّ رضّا» (٢).
قال الثعلبي : وأنشدني لنفسه!
لو لا عباد للإله ركّع |
|
وصبية من اليتامى رضّع |
ومهملات في الفلاة رتّع |
|
صبّ عليكم العذاب الأوجع |
[٢ / ٧٣٤٥] وروى محمّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله ـ سبحانه ـ ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده وولده ولده ، وأهل دويرته ودويرات حوله ، ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم» (٣).
[٢ / ٧٣٤٦] وقال قتادة : يبتلي الله المؤمن بالكافر ، ويعافي الكافر بالمؤمن (٤).
__________________
(١) القرطبي ٣ : ٢٦٠.
(٢) البيهقي ٣ : ٣٤٥ ؛ الكبير ٢٢ : ٣١٠.
(٣) الطبري ٢ : ٨٥٥ / ٤٤٩٠.
(٤) أخرجه عبد بن حميد ؛ الدرّ ١ : ٧٤٦.