يزكّيهم ، ولهم عذاب أليم : المنّان بما أعطى ، والمسبل إزاره ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» (١).
مناشيء الكفّ عن الإنفاق
قوله تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)
ولمّا كان الكفّ عن الإنفاق ولا سيّما الإنفاق بطيبة المال ، إنّما كان ينشأ عن دوافع السوء وعن تزعزع اليقين بما عند الله ، وبدافع من خوف الفقر والإملاق ، ممّا لا يساور قلبا يتّصل بالله ويعتمد عليه ويدرك أنّ مردّ ما عنده إليه تعالى ، كشف الله للّذين آمنوا عن هذه الدوافع الرذيلة ، لتبدو لهم عارية ، وليعرفوا من أين تنبت هذه في النفوس ، وما الّذي يثيرها في القلوب. إنّه الشيطان.
الشيطان يسلبكم روح الإيمان وشوق الاتّكال على الله ، ذي القوّة المتين ، ومن ثمّ يخوّفكم الفقر ، ويثير في نفوسكم الحرص والشحّ والتكالب ، وكذلك يأمركم بالفحشاء ، يبثّ فيكم روح الشقاء والفساد والإفساد.
والفحشاء كلّ معصية عارمة كانت هتكا لحريم الإيمان وتجاوزا عن حدود ما أنزل الله ، في عرامة فاضحة.
وبكلمة جامعة : الفحشاء هي كلّ معصية يعود وبالها على الجماعة المسلمة من غير أن تخصّ بآثارها السيّئة فاعلها بالذات.
[٢ / ٧٧١٣] أخرج الترمذي وحسّنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبّان والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ للشيطان لمّة بابن آدم وللملك لمّة ، فأمّا لمّة الشيطان فإيعاد بالشرّ وتكذيب بالحقّ ، وأمّا لمّة الملك فإيعاد بالخير وتصديق
__________________
(١) ابن كثير ١ : ٣٢٥ ؛ مسلم ١ : ٧١ ـ ٧٢ ، بلفظ : «عن سليمان بن مسهّر عن خرشة بن الحرّ عن أبي ذرّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة : المنّان الّذي لا يعطي شيئا إلّا منّة ، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر ، والمسبل إزاره» ؛ مجمع البيان ٢ : ١٨١ ـ ١٨٢ ؛ التبيان ٢ : ٣٣٤ ؛ ابن ماجة ٢ : ٧٤٤ ـ ٧٤٥ / ٢٢٠٨ ، باب ٣٠ ؛ أبو داوود ٢ : ٢٦٦ / ٤٠٨٧ ، باب ٢٧ ؛ الترمذي ٢ : ٣٤٢ / ١٢٢٩ ، باب ٥ ؛ مسند أحمد ٦ : ٤٤١ ، عن أبي الدرداء. و ٣ : ٢٨ و ٤٤ ، عن أبي سعيد الخدري ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٥ : ٥١٠ / ٢٠ ، باب ٢٢ ، عن أبي سعيد ؛ الشعب ٥ : ١٢ / ٥٥٩٣ ، عن أبي سعيد ؛ الخصال : ١٨٤ / ٢٥٣ ، باب الثلاثة ؛ البحار ٩٣ : ١٤١ / ٦ ، باب ١٥.