وأبت امرأته أن تسلم. فأتت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ابنتي وهي فطيم ـ أو شبهه ـ ، وقال رافع : ابنتي. فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : اقعد ناحية. وقال لها : اقعدي ناحية. قال : وأقعد الصبيّة بينهما ، ثمّ قال : ادعواها ، فمالت الصبيّة إلى أمّها ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ اهدها ، فمالت الصبيّة إلى أبيها ، فأخذها (١).
[٢ / ٦٨٤٣] وأخرج أبو داوود والبيهقي والحاكم بإسنادهم جميعا إلى هلال بن أسامة أنّ أبا ميمونة سليمان ـ مولى من أهل المدينة رجل صدق ـ قال : «بينا أنا جالس مع أبي هريرة ، جاءته امرأة فارسيّة ، معها ابن لها وقد طلّقها زوجها وقد ادّعياه. فقالت : يا أبا هريرة ـ ثمّ رطنت (لم تفصح) ـ فقالت بالفارسيّة : زوجي يريد أن يذهب بابني؟ فقال أبو هريرة : استهما عليه (٢) ورطن لها بذلك فجاء زوجها فقال : من يحاقّني في ولدي؟ فقال أبو هريرة : اللهمّ إنّي لا أقول هذا ، إلّا أنّي سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا قاعد عنده فقالت : فداك أبي وأمي ، إنّ زوجي يريد أن يذهب بابني ، وهو يسقيني من بئر أبي عنبة (٤) ، وقد نفعني! فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : استهما عليه ، فقال زوجها من يحاقّني في ولدي يا رسول الله؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا غلام ، هذا أبوك وهذه أمّك ، فخذ بيد أيّهما شئت. فأخذ الغلام بيد أمّه ، فانطلقت به» (٥).
نقد الفقهاء لهذه الأحاديث
وللفقهاء من سائر المذاهب تريّث عند هذه الأحاديث ، وأكثرها لا تصحّ :
قال ابن حزم ـ بشأن حديث أبي ميمونة عن أبي هريرة ـ : أبو ميمونة هذا مجهول ، ليس هو والد هلال الّذي روى عنه. قال : ثمّ إذا تدبّر لم يكن فيه حجّة ، لأنّه ليس فيه أنّه لو تخيّر أباه قضى له به. وأيضا فنحن لا ننكر تخييره إذا كان أحد الأبوين أرفق به. ولا شكّ في أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا
__________________
(١) أبو داوود ١ : ٤٩٩ / ٢٢٤٤ ، باب ٢٦ (إذا أسلم أحد الأبوين ، مع من يكون الولد؟).
(٢) يقال : استهم القوم إذا تقارعوا.
(٣) بئر أبي عنبة بئر بالمدينة ، عندها عرض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه حين سار إلى بدر. النهاية.
(٤) البيهقي ٨ : ٣ ؛ الحاكم ٤ : ٩٧ ؛ والنسائي ٣ : ٣٨١ ـ ٣٨٢ / ٥٦٩٠ ، كتاب الطلاق ، باب ٥٢ ؛ أبو داوود ١ : ٥٠٨ ـ ٥٠٩ / ٢٢٧٧.