وكان آخر ما كتب عام : ٢٥ بعد سبي اليهود (١) ، ولم يعرف له خبر بعد ، كما ورد في تاريخهم (٢) ويظنّ أنّه مات أو قتل. ومن جملة ما كتبه من رؤياه : «كأنّي وقد أخرجني روح الربّ وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاما كثيرة ، وأمّرني عليها وإذا تلك العظام يابسة ، فقال لي : أتحيى هذه العظام؟ فقلت : يا سيّدي الربّ ، أنت تعلم. فقال لي : تنبّأ على هذه العظام وقل لها : أيّتها العظام اليابسة ، اسمعي كلمة الربّ ، قال : ها أنا ذا أدخل فيكم الروح وأضع عليكم عصبا وأكسوكم لحما وجلدا. فتنبّأت كما أمرني ، فتقاربت العظام كلّ عظم إلى عظمه ، ونظرت وإذا باللحم والعصب كساها وبسط الجلد عليها من فوق ، ودخل فيهم الروح ، فحيّوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جدّا».
قال ابن عاشور : ولمّا كانت رؤيا الأنبياء وحيا ، فلا شكّ أنّ الله لمّا أعاد عمران أورشليم في عهد عزرا النبيّ في حدود سنة ٤٥٠ قبل الميلاد (٣) ، أحيا النبيّ حزقيال ليرى مصداق نبوءته ، وأراه إحياء العظام ، وأراه آية في طعامه وشرابه وحماره ، حينما أحياه ـ وهذه مخاطبة بين الخالق وبعض أصفيائه على طريق المعجزة ـ وجعل خبره آية للناس من أهل الإيمان الّذين يوقنون بما أخبرهم
__________________
(١) راجع : الأصحاح : ٤٠ من سفر حزقيال. كتب فيه رؤى وتنّبؤات عجيبة ، عن مصير أمّة إسرائيل في التشريد والتمزيق وتخريب الديار ومغادرة الأوطان (الأصحاح : ٣٣). كتبها في العام الخامس والعشرين من الأسر ، وبعد هدم الهيكل بأورشليم بأربعة عشر عاما (الأصحاح : ٤٠). فكان فيما رأى ، رأى نفسه واقفا على كثيب ينظر إلى أطلال أورشليم وهي خاوية على عروشها (الأصحاح : ٣٧). وعند ذلك سمع نداء الربّ يقول له : هل لهذه العظام اليابسة أن تحيى من جديد؟! ها أنا السيّد الربّ : أدخل فيهم الروح فيحيون وأضع عليهم عصبا وأكسيهم لحما وأبسط عليهم جلدا وأجعل فيهم روحا ، فتعلمون أنّي أنا الربّ!!
(٢) يقول جيمز هاكس : لم يعرف شيء عن زمن موته وسبب وفاته. وله قبر وعليه قبّة معروفة في ناحية بابل (الحلّة ـ العراق) يعرف بذي الكفل. (قاموس الكتاب المقدّس : ٣٢١).
(٣) وكان بعد تحرّر اليهود من الأسر بعد حوالي قرن. كان سقوط أورشليم على يد نبوكدنصّر سنة (٥٨٦ ق. م.). وفي سنة (٥٣٩) سقط بابل على يد كورش الكبير وتحرّر اليهود. فعاد أكثرهم (ما يقرب من خمسين ألفا) إلى أورشليم لإعادة بنائها. وبعد ثمانين سنة من إعادة البناء ، ارتحل عزرا في ألفين من أسر اليهود إلى أورشليم لكي يعيد لهم الشريعة من جديد. فكان ذلك حوالي ٤٥٠ قبل الميلاد. وإذ كان حزقيال رأى رؤاه في زمن الأسر ، ثمّ توفّاه الله ، وأحياه من جديد ليأتي بلده ويؤازر عزرا في إحياء الدين ؛ يمكن الحدس بأنّ زمن سباته استغرق حوالي مئة عام ، والله العالم. (راجع : سفر عزرا ، ط : ١٩٩٥ م). (قاموس الكتاب المقدّس : ٦٠٩).