[٢ / ٧٣٣٠] وقال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : (وَلَمَّا بَرَزُوا) لقتال (لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) قال أصحاب الغرفة (قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) يعني ألق : أصبب علينا صبرا ، كقوله ـ سبحانه ـ : (أَفْرِغْ) : يعني أصبب (عَلَيْهِ قِطْراً)(١)(وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) عند القتال حتّى لا تزول (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) يعني جالوت وجنوده ، وكانوا يعبدون الأوثان. فاستجاب الله لهم وكانوا مؤمنين : أصحاب الغرفة في العصاة ، فلمّا التقى الجمعان وطالوت في قلّة وجالوت في كثرة ، عمد داوود عليهالسلام فقام بحيال جالوت لا يقوم ذلك المكان إلّا من يريد قتال جالوت ، فجعل الناس يسخرون من داوود حين قام بحيال جالوت. فقال جالوت : من أين هذا الفتى؟ ارجع ، ويحك فإنّي أراك ضعيفا ولا أرى لك قوّة ولا أرى معك سلاحا ، ارجع فإنّي أرحمك. فقال داوود : أنا أقتلك بإذن الله ـ عزوجل ـ! فقال جالوت : بأي شيء تقتلني؟ وقد قمت مقام الأشقياء ، ولا أرى معك سلاحا إلّا عصاك هذه ، هلّم فاضربني بها ما شئت! وهي عصاه الّتي كان يردّ بها غنمه. قال داوود : أقتلك بإذن الله ، بما شاء الله. فتقدّم جالوت ليأخذه بيده مقتدرا عليه في نفسه. فلمّا دنا جالوت من داوود أخرج الحجر من مخلاته فرماه فوقع الحجر في دماغه فانكبّ على وجهه وانهزم الكفّار! وطالوت ومن معه وقوف ينظرون! فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ)(٢).
[٢ / ٧٣٣١] وروى العيّاشي بالإسناد إلى الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «كان داوود وإخوة له أربعة ، ومعهم أبوهم شيخ كبير ، وتخلّف داوود في غنم لأبيه ، ففصل طالوت بالجنود ، فدعا أبوه داوود وهو أصغرهم فقال : يا بنيّ ، اذهب إلى إخوتك بهذا الّذي قد صنعناه لهم يتقوّون به ، وكان رجلا قصيرا أزرق قليل الشعر طاهر القلب ، فخرج وقد تقارب القوم بعضهم من بعض. فلمّا دخل العسكر سمعهم يتعظّمون أمر جالوت ، فقال لهم داوود : ما تعظّمون من أمره؟! فو الله لئن عاينته لأقتلنّه ، فتحدّثوا بخبره حتّى أدخل على طالوت ، فقال : يا فتى ، وما عندك من القوّة وما جرّبت من نفسك؟ قال : كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي فأدركه فآخذ برأسه فأفكّ لحييه عنها فآخذها
__________________
(١) الكهف ١٨ : ٩٦.
(٢) تفسير مقاتل ١ : ٢٠٩ ـ ٢١٠.