« ثمّ إنّ إبليس الملعون ذهب بعد وفاة آدم فبال في أصل الكرمة والنخلة ، فجرى الماء في عروقهما من بول عدوّ الله تعالى ، فمن ثمّ يختمر العنب والتمر ، فحرّم الله تعالى على ذرّية آدم كل مسكر ، لأنّ الماء جرى ببول عدوّ الله تعالى في النخل والعنب فصار كلّ مختمر خمراً لأنّ الماء اختمر في النخلة والكرمة من بول عدو الله تعالى إبليس لعنه الله تعالى » (١) فتأمّل.
ويقوّي الاحتياط فيه احتمال وجود قول بتحريمه من الحلّي في سرائره حيث قال بعد الحكم بحرمة عصير العنب بالنشيش ـ : وكذلك القول فيما ينبذ من الثمار في الماء ، أو اعتصر من الأجسام من الأعصار ، في جواز شربه ما لم يتغير ، فإن تغير بالنشيش لم يشرب (٢).
لكنّه ليس بصريح في التحريم بمجرّد الغليان بالنار ، بل غايته التحريم بالنشيش وهو صوت الغليان الحادث من طول المكث. ولا ريب في تحريمه حينئذٍ ؛ لاستلزامه السكر كما يستفاد من الأخبار. ولا كذلك الغليان بالنار ؛ لعدم معلومية استلزامه إيّاه ، بل معلوميّة عدمه كما مرّ.
وربما يشير إلى ما ذكرناه كلام شيخنا في الدروس حيث قال : ولا يحرم المعتصر من الزبيب ما لم يحصل فيه نشيش ، فيحلّ طبخ الزبيب على الأصح ؛ لذهاب ثلثيه بالشمس غالباً (٣).
فلو لا الفرق بما ذكرناه بين النشيش والغليان بالنار لتناقض الحكم بالتحريم مع حصول النشيش المستفاد من مفهوم صدر عبارته ، والحكم بتحليل الطبيخ المعلّل بذهاب ثلثيه ، مع وجود هذا التعليل فيه في الأوّل
__________________
(١) الكافي ٦ : ٣٩٣ / ٢ ، الوسائل ٢٥ : ٢٨٣ أبواب الأشربة المحرمة ب ٢ ح ٣.
(٢) السرائر ٣ : ١٢٩.
(٣) الدروس ٣ : ١٦.