فما يقال في القدح عليهما في الدلالة على المدعى : من أنّه ما لم يخبز بالنار نجس ، فحكمه في البيع ما تضمنّاه ، وهذا لا ينافي الرواية الآتية بتقدير الدلالة على الطهارة إذا خبز. كما ترى. ولذا إنّ الشيخ في الكتابين فهم كغيره التعارض بين الروايتين اللتين مضى ذكر أولاهما ، وأشار إلى الثانية منهما بقوله :
( وفيه رواية بالجواز ) أي جواز أكله ( بعد خبزه ؛ لأنّ النار قد طهّرته ) والمراد بالرواية الجنس ، لتعدّدها ، منها : المرسل كالصحيح بابن أبي عمير المتقدم : في عجين عجن وخبز ، ثمّ علم أنّ الماء كانت فيه ميتة ، قال : « لا بأس ، أكلت النار ما فيه » (١).
ومنها : عن البئر يقع فيها الفأرة أو غيرها من الدواب فتموت ، فيعجن من مائها ، أيؤكل ذلك الخبز؟ قال : « إذا أصابته النار فلا بأس بأكله » (٢).
وفي سنده جهالة ، مع عدم مقاومتهما للروايتين المتقدّمتين ؛ لاعتبار سنديهما معاً ، واعتضادهما بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً. بخلاف هاتين ؛ لقصور سند إحداهما ، وشذوذ القائل بهما ، إذ لم أقف إلاّ على الشيخ في كتاب الاستبصار وبحث المياه من النهاية (٣). ورائه في الأوّل غير معلوم ؛ لاحتمال قصده بذلك مجرّد الجمع بين الأخبار
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٤ ، الإستبصار ١ : ٢٩ / ٧٥ ، الوسائل ١ : ١٧٥ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ١٨.
(٢) التهذيب ١ : ٤١٣ / ١٣٠٣ ، الإستبصار ١ : ٢٩ / ٧٤ ، الوسائل ١ : ١٧٥ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ١٧.
(٣) الإستبصار ١ : ٢٩ ، النهاية : ٨.