ويرد عليها أكثر ما ورد على سابقها من قصور سند أكثرها ، وضعف جميعها عن المقاومة لما قدّمناه من وجوه شتّى ، أعظمها اعتضاده بالشهرة العظيمة التي كادت تكون بالإجماع ملحقة ، دون هذه الرواية ؛ لندرة القائل بها ، إذ لم يحك القول بها إلاّ عمّن ذكرناه خاصّة. ومخالفته العامة ، دونها ، لموافقتها لهم كما ادّعاه شيخ الطائفة وجماعة ، ولكن أنكرها في المسالك قال : لأنّ أحداً منهم لا يشترط في حلّ ذبائحهم أن يسمعهم يذكرون اسم الله تعالى عليها (١).
ولو صحّ ما ذكره ولم تكن أدلّة الحرمة بالشهرة المزبورة معتضدة لكان المصير إلى هذه الرواية في غاية القوة ؛ لوضوح الجمع بها بين الروايتين الأوليين الدالّتين على التحريم والحلّية ، بحمل الاولى على عدم سماع التسمية ، والثانية على السماع. وتجعل هذه قرينة على أنّ المراد بالتعليل المتقدّم إليه الإشارة في أخبار الحرمة بأنّها اسم ولا يؤمن عليه إلاّ مسلم : المعنى المستفاد منه في بادئ النظر ، وهو كون عدم الأمن من حيث خوف الترك لا خوف عدم القصد إلى ما دلّ.
نعم ، لا يمكن الجمع بها بين صريحهما ، لكنّه غير محتاج إليه أصلاً ، لضعف سندهما طرّاً ، وموافقة الثانية منهما للتقيّة جدّاً. فالتعارض الموجب للتردّد حقيقةً إنّما هو ما وقع بين المعتبرة من أخباريهما ، وهو يرتفع بهذه الرواية المفصلّة جدّاً ، فلا إشكال في المصير إليها لولا رجحان رواية الحرمة مطلقها وصريحها بالشهرة ، لكن بعده سيّما مع ندرة القائل بهذه الرواية لا مسرح عن العمل بتلك الرواية ولا مندوحة ، مع أنّ من روايات الحلّية ما لا يقبل الحمل على هذه المفصّلة مع أنّها صحيحة : عن ذبائح اليهود
__________________
(١) المسالك ٢ : ٢٢٥.