القول بجعل السببية ، فانّهما من أفعال الشارع ، غاية الأمر فعلاً تسبيبيّاً لامباشرياً.
وحاصل الوجه الثاني : انّ السببية غير مجعولة لاتشريعاً ( خلافاً للمشهور ) ولاتكويناً ( خلافاً للمحقّق الخراساني ) على وجه الاستقلال ، بل جعلها ، بجعل ذات السبب قال :
انّ المجعول إنّما هو ذات السبب ، أمّا السببية فهي من لوازم ذاته كزوجية الأربعة ، فانّ السببية عبارة عن الرشح والإفاضة القائمة بذات السبب التي تقتضي وجود المسبب ، وهذا الرشح والإفاضة من لوازم الذات لايمكن أن تنالها يد الجعل التكويني ، فضلاً عن الجعل التشريعي ، بل هي كسائر لوازم الماهية تكوينها إنّما يكون بتكوين الماهية ، وإفاضة الوجود إلى الذات ، فعلّية العلّة وسببيّة السبب كوجوب الواجب وإمكان الممكن وامتناع الممتنع ، إنّما تكون من خارج المحمول تنتزع عن مقام الذات ليس لها ما بحذاء ، لا في وعاء العين ولا في وعاء الاعتبار ، فالعلية لاتقبل الإيجاد التكويني فضلاً عن الإنشاء التشريعي. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ ما ذكره صحيح في السببية التكوينية حيث إنّ السببية بالنسبة إلى المسبب من قبيل ذاتي باب البرهان والخارج المحمول ، وما هو مثله لاتتعلّق به يد الجعل ، لأنّ مناط الجعل الفقر والحاجة ، والسببية بعد جعل السبب متحقّقة ضرورة فلاحاجة إلى جعل آخر ، وهذا من خواص ذاتي باب البرهان حيث إنّ جعل الموضوع يلازم جعل المحمول الذاتي ، كالزوجية بالنسبة إلى الأربعة.
وأمّا المقام فليست السببية أمراً ذاتياً بالنسبة إلى السبب أي الدلوك حتى لا
__________________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ٣٩٤ ـ ٣٩٥.