وإذا خاطب الشارع البالغ العاقل الموسر بقوله : « اغرم ما أتلفته في حال صغرك » ، انتزع من هذا الخطاب معنى يعبـّر عنه بسببية الإتلاف للضمان ، ويقال انّه ضامن بمعنى انّه يجب عليه الغرامة عند اجتماع شرائط التكليف.
وكذا الكلام في غير السبب فانّ شرطية الطهارة للصلاة ، ليست مجعولة بجعل مغائر لإنشاء وجوب الصلاة الواقعية حال الطهارة ، وكذا مانعية النجاسة ليست إلاّ منتزعة من المنع عن الصلاة في النجس ، وكذا الجزئية منتزعة من الأمر بالمركب. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره في هذه الموارد ، أعني : السببية والشرطية والمانعية ، كلام تام ، ولكنّه استقراء ناقص ، ولايكون دليلاً على أنّ الحكم الوضعي في عامّة الموارد منتزع من التكليفي ، كيف؟ وربما يكون الحكم الوضعي مجعولاً بالأصالة في قولك : « زوّجت موكّلتي » ، أوقوله : « أنت حرّ » فالأوّل ناظر إلى إنشاء الزوجية ، والثاني لإنشاء الحرية.
أمّا القول الثاني : فإن أراد انّهما متلازمان معاً وانّ انشاء أحدهما يلازم إنشاء الآخر ، كما هوالظاهر من كلامه المنقول في « الفرائد ». (٢)
ففيه : انّ القول بتعدد الجعل مع أنّ جعل أحدهما يغني عن الآخر ، أمر لغو ، فهنا جعل واحد هو الأصيل والآخر أمر منتزع ، فالمجعول إمّا سببية الدلوك لوجوب الصلاة ، فوجوب الصلاة أمر منتزع ، أو وجوب الصلاة لدى الدلوك ، فالسببية أمر منتزع.
وإن أراد انّ هنا جعلاً واحداً ، وهو متعلّق بالحكم الوضعي مطلقاً ،
__________________
١. الفرائد : ٣٥١.
٢. الفرائد : ٣٤٩ ـ ٣٥٠.