أخبار المرجِّحات ، وهي آبية عنه ، إذ كيف يمكن تقييد مثل : ما خالف قول ربنا لم أقله ، أو زخرف ، أو باطل. (١)
ولا يخفى انّ كلامه مجمل ، والمراد انّ الترجيح بالشهرة العملية ورد في المقبولة قبل الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة ، ولو قلنا بلزوم العمل بالمرجّحات يلزم تقييد الترجيح بموافقة الكتاب ، بما إذا لم يكن في الجانب المخالف شهرة ، وإلاّ فيقدّم المخالف ، وذلك لأنّ المقبولة قدّمت الترجيح بالشهرة على الترجيح بموافقة الكتاب ، فيكون الترجيح بالشهرة مقدّماً على الترجيح بموافقة الكتاب ، وتكون النتيجة أنّ مخالف الكتاب الموافق للشهرة يكون مقدَّماً على موافق الكتاب وتختص مرجحيته بما إذا لم يكن المخالف موافقاً للشهرة ، فيلزم تخصيص مرجّحية الكتاب بغير صورة وجود الشهرة مع أنّ لسان الأخبار في طرد مخالف المخالف آب عن التقييد ، إذ معناه انّ مخالف الكتاب زخرف إلاّ إذا كان موافقاً للمشهور.
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ ما ذكره من لسان الروايات ، أعني قوله : « زخرف » ، أو « ما خالف قول ربّنا لم نَقُلْه » لم يردا في الخبرين المتعارضين وإنّما وردا في الخبر المخالف للقرآن ، المجرّد عن التعارض وقد خلط المحقّق الخراساني بين هذين الصنفين ، كما نبهنا به سابقاً.
وثانياً : أنّ التقييد إنّما يلزم إذا قلنا بكونها مرجِّحات للرواية ، وأمّا لو قلنا بكونها مميزات للحجة فالتقييد غير لازم ولا معقول ، لأنّ الجميع على هذا الفرض على صعيد واحد ليس لواحد منها مزية على الآخر ، بل الكل يجعل الخبر الآخر في مدحرة البطلان.
__________________
١. كفاية الأُصول : ٢ / ٣٩٥.