المشتبهين؟
قلت : إنّ الحجّة في المقيس عليه ، متعيّنة بصورة كلية وهو قوله : اجتنب عن الدم وإنّما الإجمال في مصداق المتعلّق ، وأين هو ممّا نحن فيه حيث إنّ الحجّة بأصلها غير متعيّنة؟
٢. احتجّ المحقّق النائيني بأنّ المتعارضين يشاركان في نفي الثالث بالدلالة الالتزامية والتعارض إنّما هو في الدلالة المطابقية ، فلا وجه لسقوط الأُولى منهما عن الحجّية ، وتوهّم انّ الدلالة الالتزامية تابعة للمطابقية فاسد ، لأنّ الأُولى فرع الثانية في الوجود لا في الحجّية. (١)
يلاحظ عليه : ما ذكره مبني على الخلط بين الدلالة التصوّرية التي لايتوقف حصولها على إرادة المتكلم والدلالة التصديقية التي تتوقف على إرادة المتكلم. ففي الأُولى تتوقف الدلالة الالتزامية على وجود الدلالة المطابقية ، لا على حجّيتها ، فلو سمع الإنسان لفظ الحاتم من طائر كالببغاء ، ينتقل إلى الجود والسخاء بخلاف الثانية فانّها متوقفة على ثبوت الإرادة في ناحية المعنى المطابقي ، فانّ مفاد الدلالة الالتزامية فيها عبارة عن إرادة المتكلم المعنى اللازم لأجل وجود الملازمة بين الإرادتين ، فإذا سقط المعنى المطابقي عن الحجّية ولم تثبت إرادة المتكلم الملزوم ، فكيف تنسب إليه ، إرادة المعنى اللازم؟
فبذلك تبيّن وجه ما هو المختار من عدم نهوض الخبرين ولا واحد منهما على نفي الثالث.
ثمّ إنّ المحقّق الخوئي قد أورد على أُستاذه بنقوض غير واردة قد أوردناها في الدورة الثالثة وأجبنا عنها فلاحظ. (٢)
__________________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ٧٥٥.
٢. المحصول : ٤ / ٤٧٠.