وقد ذهب المحقّق النائيني إلى تقديم الإطلاق الشمولي على البدلي وحفظ الأوّل ، والتصرّف في الثاني فتكون النتيجة حرمة إكرام الفاسق العالم. وقد نقل كلّ من المقررين : الكاظمي والخوئي ـ قدّس اللّه أسرارهما ـ عن أُستاذهما وجهاً خاصّاً ، فلنقدم ما نقله المحقّق الخوئي عنه ، حيث قال :
الحكم في الإطلاق الشمولي يتعدد بتعدّد الأفراد ، لثبوت الحكم لجميع الأفراد على الفرض ، المعبّر عنه بتعلّق الحكم بالطبيعة السارية ، فينحلّ الحكم إلى الأحكام المتعدّدة على حسب تعدّد الأفراد ، بخلاف الإطلاق البدلي فانّ الحكم فيه واحد متعلّق بالطبيعة المعبّر عنه بتعلّق الحكم بصرف الوجود ، غاية الأمر أنّه يصحّ للمكلّف في مقام الامتثال ، تطبيق الطبيعة في ضمن أيِّ فرد شاء وهو معنى الإطلاق البدلي ، فتقديم الإطلاق البدلي يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق الشمولي بالنسبة إلى بعض الأفراد ، بخلاف تقديم الإطلاق الشمولي ، فانّه لايوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق البدلي إذ لاتعدّد فيه بل يوجب تضييق دائرته ، فتقديم قوله : « أكرم عالماً » على الآخر في مورد الاجتماع ـ وهو العالم الفاسق ـ يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق الشمولي بالنسبة إلى هذا الفرد ، بخلاف العكس فانّه لايوجب رفع اليد عن الحكم المذكور في الإطلاق البدلي بالنسبة إلى المجمع ، لأنّه ليس فيه إلاّ حكم واحد ، غاية الأمر أنّه يوجب تضييق دائرته ، فيجب على المكلّف في مقام الامتثال تطبيق الطبيعة بالعالم غير الفاسق. (١)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ المستدل خلط الإطلاق الشمولي بالعام ، فإنّ العام يدلّ بالدلالة اللفظية على الشمول فيسري الحكم إلى جميع الأفراد ، كما إذا قال : أكرم العلماء ، حيث يتّخذ عنوان العام مرآة إلى المصاديق فيسري إلى المعنون
__________________
١. مصباح الأُصول : ٣ / ٣٧٨.