أقول : الحكومة عند الشيخ تتقوم بأمرين :
أ : أن يكون الحاكم متصرّفاً في موضوع الدليل المحكوم بإخراج بعض المصاديق بدعوى انّه ليس مصداقاً له.
ب : أن يكون الموضوع محكوماً بحكم قبل ورود الحاكم ، على نحو لولا كونه كذلك كان تشريع الدليل الحاكم لغواً.
لكن كلاً من الشرطين غير لازم ، أمّا الأوّل فلأنّ الحكومة لاتنحصر بالتصرّف في عقد الوضع ، بل ربما يكون متصرفاً في عقد الحمل كأحكام العناوين الثانوية بالنسبة إلى الأحكام المتعلّقة على الموضوعات على نحو الإطلاق الذي يعم حالتي الضرر والحرج لوجوب الغسل في قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيدِيَكُمْ إِلى المَرافِقِ ) (١) فقوله يعم حالتي الضرر والحرج غير انّ أدلّتهما ، حاكمان على الإطلاق الموجود فيها فيختص وجوب الغسل بغير تينك الحالتين.
كما أنّ التصرف في عقد الوضع لاينحصر بالتضييق ، بل ربما يتصرّف بالتوسعة ، كما هو الحال في قوله : الطواف بالبيت صلاة ، فهو يُدخل الطواف تحت الصلاة ، فيكون محكوماً بحكمها مثل قوله : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) وقوله : « التراب أحد الطهورين » بالنسبة إلى قوله : « لا صلاة إلاّ بطهور » لو كان الطهور فيه ظاهراً في الطهارة المائية.
وأمّا الثاني فهو منقوض بحكومة أصالة الطهارة بالنسبة إلى أدلّة الشروط في الصلاة ، فلو قال : « صلّ في ثوب طاهر » فهو ظاهر في الطهارة الواقعية ، لكن بعد
__________________
١. المائدة : ٦.