الصحة في فعل النفس أو الغير.
أمّا غير المحرز منها ، فلأنّ المراد من العلم في قوله « رفع عن أُمّتي ما لايعلمون » ، أو قوله : « كلّ شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام » ، أو قوله : « كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر » ، هو الحجّة سواء كانت وجدانية ، أم شرعية اعتبرها الشارع حجّة ، فإذا قامت الأمارة على حرمته أو نجاسته فقد انقلب عدم الحجة إلى وجودها ، بقيام الحجّة الشرعية على الحكم.
ومنه يظهر حال الأُصول المحرزة ، لما مرّ في الاستصحاب من أنّ المراد من اليقين في أدلّته ليس هو اليقين الوجداني ، ضرورة انّ زرارة لم يقف على طهارة ثوبه أو طهارته من الحدث بواسطة الأدلة القطعية ، بل وقف عليها من طريق الحجج الشرعيّة كإخبار ذي اليد ، أو من إجراء أصالة الطهارة في الماء الذي توضأ به ، بل المراد هو الحجّة الشرعية ، فإذاً يكون المراد من اليقين الثاني ، هو الحجّة فإذا قامت الأمارة ، فقد حصلت الغاية الواردة في أدلّة الاستصحاب.
وأمّا غير الاستصحاب ، فاليد أمارة الملكية لو لم تكن هناك بيّنة أقوى كما في رواية العيص بن القاسم ، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال : سألته عن مملوك ادّعى انّه حرّ ولم يأت ببيّنة على ذلك ، أشتريه؟ قال : « نعم » ومثلها رواية حمزة بن حمران. (١)
أمّا أصالة الصحّة في مثل النفس فالموضوع لها هو الشكّ كما في صحيح زرارة : رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة؟ (٢) وصحيح إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام : « إن شكّ في الركوع بعد ما سجد فليمض » (٣) والأمارة رافعة للشكّ بعد إضفاء الشارع الحجيّة لها ـ مضافاً إلى ما عليه العقلاء ، من كون
__________________
١. الوسائل : الجزء ١٢ ، الباب ٥ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١ ـ ٢.
٢. الوسائل : الجزء ٥ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل ، الحديث ١.
٣. الوسائل : الجزء ٤ ، الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٤.