وخلاصة الكلام في حجّية الأمارات في مثبتاتها انّ طريقية الأمارة إذا كانت قوية بحيث لاينفك التعبّد بالملزوم عرفاً عن التعبّد بلازمه تكون الأمارة حجّة في لوازمها ، كما في البيّنة وخبر الواحد ; وأمّا إذا كانت طريقيته خفيفة كالظنون الحاصلة من قاعدة اليد والفراغ وأصالة الصحّة ، فلايعد التعبّد بالملزوم ، تعبداً باللازم. فما اشتهر بين المتأخرين من أنّ مثبتات الأمارات حجّة دون الأُصول ليس على إطلاقها دليل.
نعم ربما يكون الأصل أو الأمارة الضعيفة منقِّحاً لموضوع الدليل الاجتهادي فيترتب عليه الأثر ، لابفضل الأصل أو الأمارة الضعيفة ، بل بفضل الدليل الاجتهادي الذي أخذ موضوعه من الأصل أو الأمارة الضعيفة ، وهذا خارج عن مثبتات الأُصول والأمارات.
مثلاً : إذا طُلّقت المرأة وشككنا في صحّة طلاقها ، جرت أصالة الصحة وثبت صحّة الطلاق ، وعندئذ تصبح المرأة المطلقة صغرى ، لقوله سبحانه : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء ) (١) ، فيجب عليها الاعتداد ، فإذا خرجت من العدة يشملها الدليل الاجتهادي الآخر المسوّغ لتزويج المرأة المطلّقة التي انتهت عدتها ، وهكذا ....
__________________
١. البقرة : ٢٢٨.