وبهما تقيّد سائر الروايات التي لم يرد فيها الدخول في الغير. (١)
وأمّا الثاني : فقد استدلّ عليه بوجهين :
الأوّل : انّ نكتة التشريع في المقام هو كون الإنسان حين العمل أقرب إلى الحقّ وأذكر في الإتيان بالعمل على وجهه ، وعلى ذلك فتمام الموضوع للقاعدة ، كون الفاعل أذكر من حالة الشكّ وانّ المكلّف الذاكر يأتي بما هي الوظيفة فإذا تجاوز عن العمل لايلتفت إلى شكّه سواء أدخل في الغير أم لا.
الثاني : انّ موثّقة ابن أبي يعفور مع أنّه ذكر فيها الدخول في الغير في صدرها ، ولكن لم يذكر في الذيل واكتفى بنفس التجاوز ، وقال : « إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه ». (٢)
هذا هو دليل القولين ، والحقّ هو القول الثاني ، وانّ تمام الموضوع للقاعدة هو التجاوز ، غير أنّه لمّا كان الشكّ في وجود الشيء لا في صحّته ، يتوقّف التجاوز عنه على الدخول في الغير ، يُعتبر فيه الدخول إلى الغير ، بخلاف ما إذا كان الشكّ في صحّة الشيء الماضي فانّ الفراغ عنه يكفي في التجاوز وإن لم يدخل في الغير.
وعلى ذلك لو شكّ في أصل التسليم وجوداً فلايصدق التجاوز عن المحلّ إلاّ بالدخول في غير حالة الصلاة ، وإذا شكّ في صحّته يكفي الفراغ عن التسليم وإن لم يشتغل بعمل غير الصلاة ، وأمّا الاستدلال بصحيحة زرارة وإسماعيل بن جابر فليس بتام ، لأنّ مصبّ القاعدة هو الشكّ في الوجود كما هو ظاهر قوله : شكّ في الركوع وقد سجد؟ قال : « يمضي على صلاته ».ثمّ قال : « يا زرارة إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره ».
__________________
١. مصباح الأُصول : ٢ / ٢٨٢.
٢. لاحظ الحديث برقم ١.