٢. انّ ظاهر قوله : « صلّ في الثوب الطاهر » هو لزوم إيقاع الصلاة في الطاهر الواقعي ، فلو تبيّن الخلاف وانّ الثوب كان نجساً ، تبيّن فقدُ الصلاة ، الشرط اللازم.
لكن بعد ضمِّ قاعدة الطهارة أو الاستصحاب إلى الدليل المذكور ، تتسِّع دائرةُ الشرطِ ويكون المأخوذ في صحّة الصلاة ، هو إحراز الطهارة من حين الدخول إلى الفراغ عنها ، كان الثوب طاهراً في الواقع أم لا.
وعلى ضوء هذا فلو صلّى الرجل في ثوب كان محكوماً بالطهارة بحكم الأصل أو القاعدة ، فقد صلّى في ثوب جامع لشرط الصحة ، وبذلك يعلم أنّ ظرف الاستصحاب إنّما هو حالة الدخول في الصلاة لا الفراغ عنها.
إذا علمت هذا فنرجع إلى فقه الرواية فنقول :
إنّ الإمام عليهالسلام فرّق بين الصورتين الأُوليين والصورة الثالثة ، فحكم بالبطلان في صورة نسيان النجاسة والصحة في صورة الجهل بها ، مع اشتراك الصور في شيء واحد ، وهو إيقاع الصلاة في ثوب نجس ، ولذلك تعجب زرارة عن التفريق ، فصار الإمام بصدد الجواب بوجود الفرق بين الأُوليين والثالثة ، وذلك بعدم الاستصحاب المحرز فيهما ، لسبق العلم بالنجاسة وإن عرض له النسيان ، ومعه لا موضوع للاستصحاب ، بخلاف الصورة الثالثة فانّ الأصل المحرِز كاف في إحراز الشرط ( الطهارة المحرِزة ) ولايلزم الطهارة الواقعية ، فلو وجبت الإعادة يلزم عدم حجّية الاستصحاب وجواز نقض اليقين بالطهارة بالشكّ فيها والمفروض عدم جوازه.
وبعبارة أُخرى : انّ لازم الأخذ باليقين السابق هو كون الصلاة مشتملة على الشرط اللازم ، ومعه لا وجه للإعادة ، والحكم بها يعد دليلاً على عدم الاعتبار.