وأمّا ما هو متعلّق الشكّ ، فهل هو الوجود أو الصحّة؟ فغير ملحوظة في ضرب القاعدة كما هو الحال في عامة الضوابط ، فلو قلنا : « كل ممكن فهو زوج تركيبي له ما هية ووجود » ، فهي لاتهدف إلاّ إلى كون الموضوع هو الظاهرة الممكنة وأمّا الخصوصيات من كونه مادياً أو مجرداً فغير ملحوظة في ضرب القاعدة.
وهذا هو الجواب الحقّ عن أصل الإشكال.
نعم أجاب الشيخ الأنصاري بوجه آخر وقال : « إنّ الشكّ في صحّة الشيء المأتيّ به ، حكمه حكم الشكّ في الإتيان بما هو هو ، لأنّ مرجعه إلى الشكّ في وجود الشيء الصحيح » وعلى هذا فقد أنكر الشيخ الأنصاري قاعدة الفراغ بالمرّة وأرجعها إلى قاعدة التجاوز ، وأنّ الشكّ في صحّة العمل راجع إلى الشكّ في وجود العمل الصحيح وعدمه.
وأورد عليه المحقّق النائيني بأنّه ربّما تمسُّ الحاجة لإثبات الصحة بمفاد كان الناقصة ، كما في مورد الوضعيّات إذا شكّ في صحّة العقد في باب الأنكحة والبيوع فانّ المفيد هو إثبات صحّة العقد الموجود ، لا إثبات وجود العقد الصحيح على الوجه المطلق. (١)
والحقّ في الجواب ما قررناه من أنّ المجعول هو الأمر الكلّي ، والخصوصيات معلومة من خارج وغير دخيلة في الضابطة ، وأمّا ما أجاب به الشيخ فيرد عليه مضافاً إلى ما ذكره المحقّق النائيني ، انّ نفس الإرجاع أمر على خلاف الارتكاز ، فانّ للإنسان نوعين من الشكّ تارة يتعلّق بنفس الوجود وأُخرى بوجوده صحيحاً ، فلاملزم لإدغام أحدهما في الآخر.
٢. انّ متعلّق الشكّ في قاعدة التجاوز إنّما هو أجزاء المركب وفي قاعدة
__________________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ٦٢١.