ثمّ إنّ قاعدة اليد قاعدة فقهية وليست مسألة أُصولية ، وتتميّز المسألة الأُصولية عن القاعدة الفقهية بأمرين :
أ : انّ محمول المسألة الأُصولية لايكون حكماً شرعياً عمليّاً ولامنتزعاً عن أحكام شرعية ، مثل قولنا : الأمر يدلّ على الوجوب ، أو النهي يدلّ على التحريم ، أو وجود الملازمة بين المقدّمة وذيها في الحكم ، فالمحمول في هذه المسائل الثلاث ليس حكماً شرعياً ، بخلاف القاعدة الفقهية فالمحمول فيها إمّا حكم شرعي مثل الصلح جائز بين المسلمين ؛ أو منتزع من أحكام شرعية عملية ، مثل قولنا : كلّ ما يضمن بصحيحه ـ كالبيع والإجارة ـ يضمن بفاسده.
« وأمّا المقام » فالمحمول في قولنا : « اليد سبب الملكية » أو آيتها ، حكم شرعي إمضائي. والأوّل كما في الحيازة فإنّه سبب الملكية فتحدث رابطة اعتبارية عقلائية بين المحيز والمحاز ولاتنتفي إلاّ بالإعراض أو بالنقل بأحد الوجوه الناقلة أو الانتقال القهري كالإرث ، والثاني كما في مورد الاستيلاء الحاصل عن سبب شرعي كالإرث والنقل فهو عند الشكّ آية الملكية ودليل عقلائي عليها.
ب : انّ المجتهد والمقلّد أمام القاعدة الفقهية سواء ، بخلاف المسألة الأُصولية فانّ إجراءها بيد المجتهد دون المقلّد ، لأنّ الفحص عن المعارض وتشخيص موارد الأمارات والأُصول من وظائف المجتهد ، بخلاف القاعدة الفقهية فانّ العمل بها يعمّ كلا الفريقين.
وهذا الميزان أمر غالبي لادائمي ، إذ ليس كلّ قاعدة فقهية رمية لكلّ رام ، وربّما يتوقف العمل بها على مؤهّلات لاتتوفر إلاّ في المجتهد كما هو غير خفيّ على أهله.
إذا عرفت هذه المقدّمة ، فلندخل في صلب الموضوع ضمنَ مقامات :