كذب الآخر ، ومن تعلّق الإرادة بأحدهما ، عدم تعلّقها بالآخر ، كما إذا قال : ثمن العذرة سحت ، ثم قال : لا بأس بثمن العذرة ، وهذا النوع من التعارض في الأمارات يبحث عنه في باب التعارض والترجيح ، وأُخرى يكون راجعاً إلى مقام الامتثال من دون تناف في مقام الإنشاء ، كإيجاب إنقاذ الغريقين مع أنّه لايستطيع إلاّ إنقاذ أحدهما ، فالتنافي هنا يرجع إلى مقام الامتثال من دون تكاذب في مقام الجعل ، ولذلك لو ابتلى بهما في وقتين مختلفين لم يكن بينهما أيّ تناف. وهذا ما يبحث عنه في باب الترتّب.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ موضوع البحث في المقام هو تنافي الاستصحابين في مقام الإنشاء والجعل ، كما إذا علمنا بإصابة قطرة من الدم في أحد الإناءين ، فاستصحاب طهارة كلّ من الاناءين ، يتنافى مع العلم الإجمالي بنجاسة واحد منهما ، فيعلم بكذب أحد الجعلين : طهارة هذا الإناء ، أو ذاك.
وأمّا إذا كان التنافي بين الأصلين راجعاً إلى مقام الامتثال دون الجعل والإنشاء ، كما إذا ابتلى بإنقاذ النبي والوصي ، أو المسلم والذمّي أو وجوب الصلاة وإزالة النجاسة من المسجد ، ولم تسع قدرته أو وقته إلاّ لأمتثال أحد الأمرين فهو خارج عن محط البحث بعلاج استصحاب وجوبهما مع عدم سعة القدرة لهما ، بتقديم ما هو الأهم على المهم.
الثاني : انّ الأصلين المتعارضين على قسمين : تارة يقع أحد الأصلين في طول الآخر ، ويسمّى الأصلان الطوليان ، فيكون الشك في بقاء أحدهما ناشئاً من الشكّ في بقاء الآخر.
وأُخرى يقع كلّ في عرض الآخر ، ويسمّى الأصلان العرضيان ، ويكون الشكّ في بقاء كلّ ناشئاً من أمر ثالث خارج عنهما.