معترفاً بحجّيته في الأُصول ، ولامعترفاً بنبوة النبي السابق إلاّ عن طريق القرآن الكريم وأخبار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمّا التواتر فإنّما ثبت به وجود الكليم والمسيح وادّعائهما النبوة لاصحة نبوتهما.
وعلى ذلك فليس عند المسلم دليل على صحة نبوتهما إلاّ أخبار القرآن بأنّهما نبيّان مضت هذه رسالتها ونسخت شريعتهما ، ومع ذلك كيف يمكن لليهود استصحاب نبوة الكليم أو المسيح؟
وإلى ما ذكرنا ينظر كلام الإمام الرضا عليهالسلام في مناظرته مع الجاثليق ، حيث سأله الجاثليق بقوله : ما تقول في نبوة عيسى وكتابه ، وهل يلتزم منها شيئاً؟
فأجاب : « إنّا نقرّ بنبوة عيسى وكتابه وما بشّر به أُمته وأقرّت به الحواريون ، وكافر بنبوة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوة محمّد وكتابه ولم يبشر به أُمّته ». (١)
هذا كلّه إلزاماً ، وأمّا إقناعاً. فلأنّ تمسّكه بالاستصحاب لإقناع نفسه يعرب عن كونه شاكاً والواجب عليه هو الفحص عن نبوة النبي اللاحق ، والنظر إلى حالاته ومعجزاته.
ثمّ التمسّك بالاستصحاب رهن وجود الدليل ، ثمّ الدليل على حجّيته إمّا نفس الشريعة السابقة أو اللاحقة ، فلو كان الأوّل يلزم الدور ، لأنّ التمسّك به فرع بقاء الشريعة السابقة ، فلو ثبت بقاؤها به لزم الدور ، ولو كان الثاني يلزم الخلف ، لأنّ التمسّك بحكم شريعته فرع الاعتراف بكونه حقّاً ، والاعتراف بها يستلزم منسوخية الشريعة السابقة ، وهو خلاف ما يدّعيه المتمسك.
__________________
١. الاحتجاج : ٢ / ٢٠٢ ، ط النجف.