لا يضر ومع ذلك يخاف منه ، بخلاف الغسّال فانّه على يقين وإيمان.
وأُخرى يكون إيمان ولايقين ، كما يقول سبحانه : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلّذِينَ كَفَرُوا هؤلاءِ أَهْدى مِنَ الّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ). (١)
نزلت الآية في حقّ أهل الكتاب الذين يدّعون انّهم على دين إبراهيم ومع ذلك قالوا إنّ الوثنيين أهدى سبيلاً من المؤمنين ، تفوّهوا بتلك الكلمة في جواب سؤال قريش إيّاهم : نحن أميّون لانعلم ، فأيّنا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحقّ ، أنحن أم محمد؟
فقالوا : أنتم واللّه أهدى سبيلاً ممّا عليه محمّد ، فنزلت الآية. (٢)
فقد عقدوا قلوبهم بما تفوّهوا به وقد عبّر عنه سبحانه بالإيمان وكانوا على يقين ببطلان كلامهم.
وثالثة : يجتمعان كما هو واضح.
الثالث : قد مضى عند البحث في حجيّة الظن ، كفاية الظنّ في الاعتقادات وعدمها ، وقد أشبعنا الكلام فيه ، فلم يكن هنا حاجة إلى التكرار ، لكن الباعث لعقد هذا التنبيه في المناظرة الواقعة بين بعض الفضلاء من السادات وبعض أهل الكتاب في منطقة بين النجف وكربلاء تسمى بذي الكفل حيث تمسّك الكتابي في بقاء شريعته بالاستصحاب ، فدار الجدل بينهما بنحو مذكور في الكتب ، فصار ذلك سبباً لطرح ذلك في مبحث الاستصحاب ، فطرحه القمّي في قوانينه ، والشيخ في فرائده ، ومن جاء بعده.
__________________
١. النساء : ٥١.
٢. مجمع البيان : ٢ / ٥٩.