إذا استصحب رطوبة النجس من المتلاقيين مع جفاف الآخر فيُحكم بنجاسته مع أنّ نجاسته ليس من أحكام رطوبة الملاقى المستصحبة ، بل من أحكام سراية النجاسة إليه وتأثره بها ، واستصحاب رطوبة النجس في الملاقى لايثبت تأثر الثوب وتنجسه بها ، وبالجملة فالمحرز بالاستصحاب هو الملاقاة بالنجس الرطب ، والموضوع للتنجيس سراية النجس ، والملازمة بين الملاقاة والسراية تكويناً ، صار سبباً لخفاء الواسطة والانتقال من الملاقاة إلى التنجيس.
يلاحظ عليه : بما مرّمن أنّ دور الاستصحاب ، دور إحراز الموضوع وإثبات الصغرى للكبرى الشرعية ، فلولا الكبرى الكلية لما ترتب على إحراز الصغرى أثر شرعي ، وعلى ذلك فلو كان الموضوع في الكبرى مجرد الملاقاة مع النجس الرطب فقد أُحرز الموضوع وترتب عليه الأثر وهو نجاسة الملاقي الجاف ، وأمّا ما لو كان الموضوع هو السراية والتأثر بها ، فلايحكم عليه لعدم إحراز الموضوع.
وبالجملة : ليس لخفاء الواسطة دور في المقام ، ولعلّ إلى ما ذكر يرجع ما أفاده المحقّق النائيني حيث يقول : إنّ استصحاب رطوبة النجس من أحد المتلاقيين مع جفاف الآخر لإثبات نجاسة الطاهر منها لايخلو إلاّ من صورتين :
١. إمّا أن يدل الدليل على كفاية مجرّد مماسّته للنجس الرطب في ثبوت النجاسة أو يدل على أنّه لابدّ من انتقال النجاسة إلى الطاهر.
فعلى الأوّل : يدخل المثال في باب الموضوعات المركبة المحرز بعض أجزائها بالوجدان كالملاقاة ، والآخر ( النجس الرطب ) بالأصل ، وعلى الثاني : لايكفي الاستصحاب ، لأنّ ذلك من اللوازم العقلية لبقاء الرطوبة في أحد المتلاقيين فالواسطة جليّة ويكون من أردأ أنحاء الأصل المثبت. (١)
__________________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ٤٩٤ ـ ٤٩٥.