بالعلم الوجداني. (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ المحرزية والكاشفية والطريقية من الأُمور التكوينية التي لاتقبل الإنشاء والجعل وإنّما القابل له هو الأُمور الاعتبارية كالملكية والزوجية والسببية ، وعلى ذلك فما أُدُعي انّه المجعول أمر غير قابل للجعل ، كجعل المعدنية والحجرية لما ليس معدن وحجر.
وثانياً : أنّ ما ذكره مبني على وجود لسان في مقام الحجية وليس في باب الأمارات دليل يتكفّل على جعل الحجّية ، وإنّما الموجود هو إمضاء ما بيد العقلاء إمضاءً عملياً أو قولياً ، وأين هو من جعل المحرزية والطريقية؟! فانّ جعلهما ـ بعد تسليم قبولهما الجعل ـ إنّما يتصوّر فيما إذا كان الجاعل مؤسساً في الجعل لاتابعاً ممضياً لما في يد العقلاء.
نعم ، أورد المحقّق الخوئي إشكالين على أُستاذه ، ذكرناهما في المحصول مع الدفاع عنهما ، فلاحظ. (٢)
الوجه الثالث : ما يستفاد من كلام سيدنا الأُستاذ قدسسره ، وحاصله : انّ ما بأيدينا من الأمارات كلّها أمارات عقلائية أمضاها الشارع لمصالح في العمل بها ، ومن المعلوم أنّ عملهم بها ليس أمراً تعبدياً لأجل رفع التحيّر ، بل لأجل كونها طرقاً إلى الواقع ، فإذا كان كذلك فكما يثبت بالأمارة نفس الشيء ، يثبت لازمه وملزومه وملازمه ، ولا معنى للتبعيض في الطريقية.
وإن شئت قلت : كما أنّ العلم بالشيء يلازم العلم بالأُمور الثلاثة ، فهكذا الوثوق به يوجب الوثوق بها. (٣)
__________________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨.
٢. المحصول : ٤ / ١٥٩ ـ ١٦٠.
٣. الرسائل : ١٧٨.