القول الثاني : التفصيل بين كون الزمان ظرفاً وقيداً
ذهب الشيخ والمحقّق الخراساني إلى جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي الكلّي من دون أن يكون هنا تعارض ، وذلك لأنّ الزمان في دليل المستصحب لايخلو إمّا أن يكون قيداً للموضوع ومفرِّداً له ، وبين كونه ظرفاً للفعل (١) فإن كان قيداً للموضوع ، بمعنى أنّ الجلوس المقيد إلى الزوال واجب ، فلايجري استصحاب الحكم الوجودي ، لتبدّل الموضوع ، وعدم صدق النقض لو لم نقل بجريانه ، بل يكون أشبه بالقياس ، بل يجري استصحاب عدم الوجوب لأنّ انتقاض عدم الوجود المقيّد لايستلزم انتقاض المطلق ، والأصل عدم الانتقاض كما إذا ثبت وجوب صوم يوم الجمعة ولم يثبت غيره.
وإن أُخذ الزمان ظرفاً للفعل ، بتصوّر أنّ الجلوس فعل لايتحقّق إلاّ في الزمان ، فلايجري إلاّ الاستصحاب الوجودي ، لأنّ العدم المطلق انتقض بالوجود المطلق وقد حكم عليه بالاستمرار بمقتضى أدلة الاستصحاب. (٢)
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني بعد ما ذكر ـ في مقام الإجابة عن التعارض ـ خلاصة كلام الشيخ أورد على نفسه إشكالاً ليس في كلام الشيخ ، وهو : انّه لما كان كل من النظرين ( كون الزمان قيداً أو ظرفاً ) أمراًمحتملاً ، يجري كلا الاستصحابين ، لأنّ كلاً منهما محتمل البقاء.
فأجاب عن الإشكال بأنّه إنّما يصحّ إذا كان في أخبار الباب ما بمفهومه يعمّ كلا الاستصحابين ، وإلاّ فلايكون هنا إلاّ استصحاب واحد لما عرفت من أنّ
__________________
١. وما في الكفاية : ظرفاً للحكم لايخلو من تسامح.
٢. الفرائد : ٣٧٧ ، ط رحمة الله.