ومثله إذا عجز عن خصال الكفّارة ، ولكن يحتمل تجدّد القدرة. فهل يجوز أن ينتقل إلى البدل ، أعني : صيام ثمانية عشر يوماً ، أو التصدّق بما يطيق؟ فقيل نعم استناداً إلى استصحاب العجز بناءً على جريانه في الأُمور الاستقبالية كما هو الصحيح.
فالمحكّم في الأُمور الاستقبالية هو الحكم باستمرار ما سبق إلى المستقبل فيترتب عليه البدار إلاّ إذا دلّ الدليل على عدم الجواز ، كما هو الحال في المعذور في الطهارة الحدثية كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : « إذا لم تجد ماء وأردتَ التيمّم فأخّر التيمّم إلى آخر الوقت فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض ». (١) فمقتضى الاستصحاب هو بقاء العذر والبدار إلى البدل لكن منع عنه النص. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ أدلّة الاستصحاب إمضاء لما عليه العقلاء في حياتهم ومعاشهم وهو عندهم الحكم ببقاء ما مضى إلى زمان الحال ، وأمّا الحكم بالبقاء من زمان الحكم إلى الوقت المستقبل فليس بمعهود عندهم.
ولو صحّ ما ذكر يلزم أن يحكم على الدم في أيّام الاستظهار ، بالحيض تارة والاستحاضة أُخرى ، فلو قذفت الدم في غير أيام العادة ولكن تحتمل انقطاعها قبل الثلاثة ، فمقتضى الاستصحاب استمرارها فلابدّ أن تكون محكومة بالحيض.
وإذا تجاوز الدم عن أيّام العادة ولم يتجاوز العشرة ، فمقتضى الاستصحاب الحكم باستمرارها بعد العشر ولابدّ من الحكم عليها بالاستحاضة ، لأنّ دم الحيض لايتجاوز أيّام العادة إلاّ إذا انقطعت قبل العشرة.
__________________
١. الوسائل : الجزء ٢ ، الباب ٢٢ من أبواب التيمم ، الحديث ١.
٢. مستند العروة : كتاب الصوم : ٣٥٥.