حياة شريفة ، وحياة عائليّة مطمئنّة .
جعل عدّتها
أربعة أشهر وعشرا ـ ما لم تكن حاملا فعدّتها أن تضع حملها ـ ولا تجرح أهل الزوج في
عواطفهم بخروجها لتوّها. وفي أثناء هذه العدّة تلبس ثيابا محتشمة ولا تتزيّن
للخطّاب. فأمّا بعد هذه العدّة فلا سبيل لأحد عليها ، سواء من أهلها أو من أهل
الزوج ، ولها مطلق حرّيّتها فيما تتّخذه لنفسها من سلوك شريف في حدود «المعروف».
فلها أن تأخذ زينتها المباحة ، ولها أن تتلقّى خطبة الخطّاب ، وتتزوّج ممّن ترتضي
، لا تقف في سبيلها عادة بالية ولا كبرياء زائفة. وليس عليها من رقيب إلّا الله (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
هذا شأن المرأة
؛ ثمّ يلتفت السياق إلى الرجال الراغبين فيها في فترة العدّة ، فيوجّههم توجيها
قائما على أدب النفس وأدب الاجتماع ، ورعاية المشاعر والعواطف ، مع رعاية الحاجات
والمصالح : (وَلا جُناحَ
عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ).
نعم كانت
المرأة لا تزال معلّقة القلب بذكرى لم تمت ، وبمشاعر أسرة الميّت ، ومرتبطة كذلك
بما قد يكون في رحمها حمل لم يتبيّن ، أو حمل تبيّن والعدّة معلّقة بوضعه ، وكلّ
هذه الاعتبارات تمنع الحديث عن حياة زوجيّة جديدة ، حيث لم يحن موعده ولأنّه يحرج
مشاعر ويخدش ذكريات.
إذن فمع رعاية
هذه الاعتبارات فقد أبيح التعريض ـ لا التصريح ـ بخطبتهنّ ؛ أبيحت الإشارة البعيدة
الّتي تلمح منها المرأة أنّ هذا الرجل يريدها زوجة بعد انقضاء عدّتها.
[٢ / ٦٨٤٤] وقد
روي عن ابن عبّاس : أنّ التعريض مثل أن يقول : إنّي أريد التزويج. وإنّ النساء لمن
حاجتي. ولوددت أنّه تيسّرلي امرأة صالحة .
كذلك أبيحت
الرغبة المكنونه (أَوْ أَكْنَنْتُمْ
فِي أَنْفُسِكُمْ) الّتي لا يصرّح بها لا تصريحا ولا تلميحا ؛ لأنّ الله
يعلم أنّ هذه الرغبة لا سلطان لإرادة البشر عليها (عَلِمَ اللهُ
أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ).
وقد أباحها
الله ، لأنّها تتعلّق بميل فطري ، حلال في أصله ، مباح في ذاته ، والملابسات وحدها
هي الّتي تدعو إلى تأجيل اتّخاذ الخطوة العمليّة فيه ، والإسلام يلحظ أن لا يحطّم
الميول الفطرية إنّما يهذّبها ، ولا يكبت النوازع البشريّة إنّما يضبطها. ومن ثمّ
نهى فقط عمّا يخالف نظافة الشعور
__________________