ولعلّه من المتّفق عليه بين الأمّة : أنّ المؤمن يثاب على نيّته الخير.
[٢ / ٨٢٢٠] روى مسلم بإسناده إلى أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من طلب الشهادة صادقا ، أعطيها ولو لم تصبه» (١).
[٢ / ٨٢٢١] وبإسناد آخر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من سأل الله الشهادة بصدق ، بلّغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه» (٢).
قال الماذريّ ـ في الشرح ـ : وفي هذين الخبرين دلالة على أنّ من نوى شيئا من أعمال البرّ ولم يفعله لعذر ، كان بمنزلة من عمله ، وعلى استحباب طلب الشهادة ونيّة الخير (٣).
قال المجلسيّ : وقد صرّح بذلك جماعة من العلماء ، حتّى قال الآبيّ : لو لم ينوه كان حاله حال المنافق ؛ لا يفعل الخير ولا ينويه (٤).
قلت : وبذلك ورد الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما رواه مسلم ـ أيضا ـ بالإسناد إلى أبي صالح عن أبي هريرة :
[٢ / ٨٢٢٢] قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من مات ولم يغز ولم يحدّث به نفسه ، مات على شعبة من نفاق» (٥).
وقال ـ تعقيبا لحديث أبي هاشم مع الإمام الصادق عليهالسلام في سبب خلود أهل الجنّة وأهل النار ، بحسب نيّاتهم في الطاعة أبدا والمعصية أبدا ، وأخيرا قال : فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء ، ثمّ تلا قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) قال : على نيّته ـ (٦). ويمكن أن يستدلّ به على أنّ بالعزم على المعصية ، يستحقّ العقاب ، وإن عفى الله عن المؤمنين تفضّلا.
قال : وما ذكره المحقّق الطوسيّ ـ في مسألة خلق الأعمال ـ حيث قال : «وإرادة القبيح
__________________
(١) مسلم ٦ : ٤٨ ؛ أبو داوود ١ : ٣٤٠ / ١٥٢٠ ؛ الترمذي ٣ : ١٠٣ / ١٧٠٥.
(٢) مسلم ٦ : ٤٩ ؛ ابن ماجة ٢ : ٩٣٥ / ٢٧٩٧ ، باب ١٥.
(٣) وهكذا قال النووي : وفيه استحباب سؤال الشهادة واستحباب نيّة الخير. (شرح مسلم ١٣ : ٥٥).
(٤) البحار ٦٧ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٥) مسلم ٦ : ٤٩ ؛ مسند أحمد ٢ : ٣٧٤ ؛ أبو داوود ١ : ٥٦٢ / ٢٥٠٢ ، باب ١٨ ، الحاكم ٢ : ٧٩ ؛ كنز العمّال ٤ : ٢٩٣ / ١٠٥٥٨.
(٦) الكافي ٢ : ٨٥ / ٥.