قبيحة» (١) يدلّ على أنّه يعدّ إرادة العباد للحرام فعلا قبيحا محرّما.
قال : وهو الظاهر من كلام أكثر الأصحاب ، سواء أكان تامّا مستتبعا للقبيح ، أو عزما ناقصا غير مستتبع ، لكن قد تقرّر عندهم أنّ إرادة القبيح إذا كانت غير مقارنة لفعل القبيح ، يتعلّق بها العفو ، كما دلّت عليه الروايات.
وأمّا إذا كانت مقارنة ، فلعلّه أيضا كذلك (٢) ، وادّعى بعضهم الإجماع على أنّ فعل المعصية لا يتعلّق به إلّا إثم واحد! ومن البعيد أن يتعلّق به إثمان ، أحدهما بإرادته والآخر بإيقاعه!
قال : فيندفع حينئذ التدافع بين ما ذكره المحقّق الطوسيّ من قبح إرادة القبيح ، وبين ما هو المشهور من أنّ الله تعالى لا يعاقب بإرادة الحرام ، وإنّما يعاقب بفعله.
قال : وما أوّله به بعضهم من أنّ المراد أنّه لا يعاقب العقوبة الخاصّة لمعصية ، بمجرّد إرادتها (٣) ، ففيه أنّ شيئا من ذلك غير صحيح ، فإنّ الظاهر من النصوص أنّه تعالى لا يعاقب ولا يؤاخذ على إرادة المعصية أصلا.
قال : والإجماع قائم على أنّ ثواب الطاعة [الخاصّ بها] لا يترتّب على إرادتها ، بل المترتّب عليها نوع آخر من الثواب يختلف باختلاف الأحوال المقارنة لها ، من خلوص النيّة ، وشدّة الجدّ فيها ، والاستمرار عليها ، إلى غير ذلك ، ولا مانع من أن تصير في بعض الأحوال أعظم من ثواب نفس الفعل الّذي لم يكن لصاحبه تلك الإرادة البالغة الجامعة لهذه الخصوصيّات (٤).
انتهى كلامه ، رفع مقامه. ولله درّه من محقّق متعمّق ، قد أخذ بجوانب المسألة وأوفى حقّها كملا ومستقصا بقوّة وإحكام.
__________________
(١) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٦٦ ؛ البحار ٦٧ : ٢٠٢.
(٢) أي لا تكون الإرادة إثما ولا مؤاخذة عليها ، كما لو كانت مجرّدة عن العمل.
(٣) فلا ينافيه ثبوت عقوبة غيرها بشأن الإرادة ، لكن يردّه ما ذكره المجلسي من أنّ الظاهر من النصوص هو عدم العقاب على الإرادة المجرّدة مطلقا ، لا العقوبة الخاصّة بتلك المعصية الّتي أرادها ولم يفعلها ، ولا عقوبة أخرى تكون خاصّة بشأن الإرادة محضا.
(٤) البحار ٦٧ : ٢٠١ ـ ٢٠٢. وراجع شرحه على أصول الكافي (مرآة العقول) ٨ : ١٠٤ ـ ١٠٦.