الشّفّ : الربح والزيادة. ولا تشفّوا أي لا تزيدوا.
[٢ / ٨١٣٦] وأخرج مالك والشافعي وأبو داوود والترمذي وصحّحه والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن سعد بن وقاص : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن اشتراء الرطب بالتمر فقال : «أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا : نعم ، فنهى عن ذلك» (١).
***
وبعد ، فأمّا النوع الأوّل فالربا ظاهر فيه لا يحتاج إلى بيان ، حيث تتوفّر فيه العناصر الأساسيّة لكلّ عمليّة الربا ، وهي : الزيادة على أصل المال ، والأجل الّذي من أجله تؤدّى هذه الزيادة ، وكون الفائدة شرطا مضمونا في التعاقد. أي ولادة المال للمال بسبب المدّة ليس إلّا.
وأمّا النوع الثاني ، فممّا لا شكّ فيه أنّ هناك فروقا أساسيّة في الشيئين المتماثلين ، هي الّتي تقتضي الزيادة ، كما في قضيّة بلال ، حين أعطى صاعين من تمره الرديء وأخذ صاعا من التمر الجيّد. وهذا لا يعدّ زيادة في العرف المعامليّ ، بعد تكافؤ المتبادلين في قيمتها الماليّة. فإنّ صاعا من تمر جيّد ، كان يساوي قيمته صاعين من تمر رديء ، فلا تفاضل هناك ولا ربا في واقع الأمر.
غير أنّ تماثل المتبادلين في الجنس ربما يخلق شبهة أنّ هناك عمليّة ربوية ، حيث التمر يلد التمر ، ومن ثمّ جاء وصفه ـ في الحديث ـ بالربا ، لمكان هذا التشابه! وكان علاج التخلّص منه بيع الصنف الّذي يراد استبداله بالنقد ، ثمّ شراء الصنف المطلوب بالثمن الّذي نقده. إبعادا لشبح الربا من العمليّة تماما.
وكذلك شرط القبض حالا يدا بيد ، كي لا يكون التأجيل في بيع المثل بالمثل ، ولو من غير زيادة ، فيه شبح من الربا ، وعنصر من عناصره!
إلى هذا الحدّ بلغت الحسّاسيّة بشبح الربا في أيّة عمليّة تبادليّة ، وبلغت كذلك حكمته في
__________________
(١) الدرّ ٢ : ١١٢ ؛ الموطّأ ٢ : ٦٢٤ / ٢٢ ؛ الأمّ ٣ : ١٨ ؛ أبو داوود ٢ : ١١٥ / ٣٣٥٩ ، باب ١٨ ؛ الترمذي ٢ : ٣٤٨ / ١٢٤٣ ، باب ١٤ ؛ النسائي ٣ : ٤٩٦ / ٦٠٣٤ ، باب ٦٤ ؛ ابن ماجة ٢ : ٧٦١ / ٢٢٦٤ ، باب ٥٣ ؛ البيهقي ٥ : ٢٩٤ ، كتاب البيوع ، باب الربا.