فداك ، إنّي رجل من أهل خراسان وإنّ رجلا مات وأوصى إليّ بمئة ألف درهم وأمرني أن أعطي منها جزءا وسمّى لي الرجل ، فكم الجزء جعلت فداك؟ فقال جعفر بن محمّد عليهالسلام : «يا أبا حنيفة لك أوصى ، قل فيها»! فقال : الربع ، فقال لابن أبي ليلى : «قل فيها» فقال : الربع ، فقال جعفر عليهالسلام : «ومن أين قلتم الربع؟» قالوا : لقول الله : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) فقال أبو عبد الله عليهالسلام لهم : ـ وأنا أسمع ـ : قد علمت الطير أربعة فكم كانت الجبال؟ إنّما الأجزاء للجبال ليس للطير». فقالوا : ظننّا أنّها أربعة ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «ولكنّ الجبال عشرة» (١).
***
وبعد ، فإليك ما ورد بهذا الشأن منسوبا إلى غيرهم :
[٢ / ٧٦٤٠] قال أبو إسحاق الثعلبي : سمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : سمعت أبي يقول : سمعت أبا الحسن الأقطع ، وكان حكيما ، يقول : صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «لكلّ آية ظهر وبطن ، ولكلّ حرف حدّ ومطّلع (٢). وظاهر الآية ما ذكره أهل التفسير ، وبطنها : أنّ إبراهيم عليهالسلام أمر بذبح أربعة أشياء في نفسه بسكّين الأياس ، كما ذبح في الظاهر الأربعة الأطيار بسكّين الحديد. فالنسر مثل لطول العمر والأجل ، والطاووس زينة الدنيا وبهجتها ، والغراب الحرص ، والديك الشهوة»! (٣)
[٢ / ٧٦٤١] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والثعلبي واللفظ له عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير والسدّي ، قالوا : لمّا اتّخذ الله تعالى إبراهيم خليلا ، سأل ملك الموت ربّه أن يأذن له فيبشّر إبراهيم بذلك ، فأذن له. فأتى إبراهيم ولم يكن في الدار فدخل داره. وكان إبراهيم عليهالسلام أغير الناس ، إذا خرج أغلق بابه. فلمّا جاء وجد في داره رجلا فثار عليه ليأخذه وقال له : من أذن لك أن تدخل داري؟ قال الملك : أذن لي ربّ هذه الدار. فقال إبراهيم : صدقت ، وعرف أنّه ملك. فقال : من أنت؟ قال : أنا ملك الموت ، جئت أبشّرك بأنّ الله تعالى قد اتّخذك خليلا. فحمد الله ـ عزوجل ـ ، قال : فما علامة ذلك؟ قال : أن يجيب الله دعاءك ويحيي الموتى بسؤالك. فحينئذ قال إبراهيم : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ
__________________
(١) العيّاشي ١ : ١٦٤ / ٤٧٧.
(٢) كنز العمّال ٢ : ٥٣.
(٣) الثعلبي ٢ : ٢٥٧ / ١٨٩.